يشير تقرير صدر مؤخرا عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى تحسن نسبي في أداء الاقتصاد المصري، مستندًا إلى خمسة مؤشرات إيجابية قد تساهم في دفع عجلة النمو في الفترة المقبلة.
هذه المؤشرات توضح قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع الأزمات السابقة، بالرغم من التحذيرات التي أوردها البنك بشأن بعض المخاطر المحتملة.
تحليل المؤشرات الإيجابية:
1. التضخم المعتدل:
على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم، إلا أن الانخفاض من 38% في سبتمبر 2023 إلى 25.7% في يوليو 2024 يعكس استقرارًا نسبيًا. يشير البنك إلى أن هذه النسبة لا تشكل تهديدًا كبيرًا على الاقتصاد، مما يعطي مساحة للاستقرار النقدي. هذا التطور يساهم في تعزيز الثقة بالسوق المحلي ويخفف الضغط على المستهلكين والشركات.
2. انخفاض الديون:
تراجع الديون الخارجية والمحلية يُعتبر إشارة إيجابية أخرى، خصوصًا في ظل الجهود الحكومية لترشيد الإنفاق وإطالة عمر الدين. انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 83% المتوقع في 2025 يعكس قدرة الحكومة على التحكم في أعباء الدين وتحسين استدامته.
3. تعافي الحسابات الجارية:
جاء التعافي في الحسابات الجارية نتيجة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والصفقات الاستثمارية الكبرى، مثل صفقة رأس الحكمة بقيمة 24 مليار دولار. هذا التعافي يعزز القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية ويقلل من الضغط على الاحتياطات الأجنبية.
4. ارتفاع الاحتياطي النقدي:
وصول الاحتياطي النقدي إلى 46.6 مليار دولار في أغسطس 2024 يعتبر علامة قوية على استقرار القطاع المالي في مصر، إذ يعزز القدرة على تغطية الواردات ويمنح البنك المركزي مرونة أكبر في إدارة السياسة النقدية.
5. تقليل الاستثمارات العامة:
وضع سقف للإنفاق العام عند تريليون جنيه يعكس تحولًا نحو ترشيد الإنفاق العام وتعزيز دور القطاع الخاص في تحفيز النمو. هذا النهج قد يؤدي إلى زيادة الكفاءة في استخدام الموارد المالية ويعطي فرصة أكبر لنمو الاستثمارات الخاصة.
التحذيرات والمخاطر المحتملة:
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، حذر البنك الأوروبي من بعض التحديات التي قد تعرقل النمو، وأبرزها:
• استمرار الاضطرابات في قطاعي الطاقة والكهرباء، وهو ما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي ويزيد من التكاليف التشغيلية للشركات.
• التأخر في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يُشرف عليها صندوق النقد الدولي، والتي تشمل رفع الدعم عن الطاقة وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد. التأخر في تنفيذ هذه الإصلاحات قد يضر بالثقة في الاقتصاد المصري ويعوق تحقيق أهداف النمو على المدى المتوسط.
الخلاصة:
يعطي التقرير صورة متوازنة عن الوضع الاقتصادي المصري؛ فرغم وجود مؤشرات إيجابية مثل السيطرة على التضخم وانخفاض الديون، ما زالت هناك تحديات تتطلب حلولًا مستدامة، خاصة في قطاعات الطاقة والإصلاح الهيكلي. استمرار الإصلاحات وتخفيض الاعتماد على الدعم الحكومي سيساهمان في تأمين مستقبل أكثر استدامة للاقتصاد المصري.