رفض التحالف العربي بقيادة السعوديّة في اليمن الإثنين إعلان الانفصاليّين اليمنيّين “الإدارة الذاتيّة” في جنوب البلد الغارق في الحرب، مطالباً بوقف أي تصعيد.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن ليل السبت الأحد “إدارة ذاتية” في الجنوب بعد تعثر اتفاق تقاسم السلطة الذي تم توقيعه مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برعاية السعودية.
وفي بيان نقلته الإثنين وكالة الأنباء السعوديّة، شدّد التحالف على “ضرورة عودة الأوضاع إلى سابق وضعها إثر إعلان حالة الطوارئ من جانب المجلس الانتقالي عبر بيانه الأخير وما ترتّب عليه من تطوّرات للأحداث في العاصمة المؤقتة (عدن) وبعض المحافظات الجنوبية”.
وأضاف البيان “يؤكّد التحالف على ضرورة إلغاء أيّ خطوة تُخالف اتّفاق الرياض والعمل على التعجيل بتنفيذه”.
كما طالب التحالف “بوقف أي نشاطات أو تحركات تصعيدية”، داعيًا إلى “العودة لاستكمال تنفيذ الاتفاق فوراً ودون تأخير، وتغليب مصلحة الشعب اليمني على أي مصالح أخرى والعمل على تحقيق هدف استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب والتصدي للتنظيمات الإرهابية”.
وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات موالية للحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة منذ 21 سبتمبر 2014.
لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب حيث تتمركز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990.
وشهد جنوب اليمن منذ 2017 عدة معارك بين القوّات المؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للسلطة المعترف بها دوليا أدت العام الماضي إلى سيطرة الانفصاليين على مناطق عدّة أهمها عدن العاصمة الموقتة للسلطة منذ 2014.
ورعت الرياض اتفاقا بين الجانبين نص على عودة الحكومة إلى عدن وعلى إعطاء المجلس دور أكبر داخل هذه الحكومة وفي إدارة المحافظات الجنوبية.
لكن الاتفاق لم يطبق بكامل بنوده، ومُنعت الحكومة من العودة بكافة أعضائها.
– “توحيد الصفوف”-
وقال التحالف في بيانه ردا على خطوة الانفصاليين إنّ الاتفاق الذي رعته السعودية “يمثل الإطار الذي أجمع عليه الطرفان لتوحيد صفوف اليمنيين، وعودة مؤسسات الدولة، والتصدي لخطر الإرهاب”.
من جهتها، انتقدت الإمارات العضو الرئيسي في التحالف العسكري والتي دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي، خطوة إعلان “الإدارة الذاتية”.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على تويتر الإثنين إن “الإحباط من التأخر في تطبيق الاتفاق لا يجب أن يكون سببا لتغيير الأوضاع من طرف واحد”.
وأضاف قرقاش “تطبيق نص اتفاق الرياض والالتزام بروحه عنوان المرحلة وحجر أساس في الرؤية الاقليمية والدولية للحل السياسي في اليمن”.
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث في بيان عن قلقه من إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال جريفيث في بيان “تحول الاحداث الأخير مخيّب للآمال خاصة وأن مدينة عدن ومناطق أخرى في الجنوب لم تتعاف بعد من السيول الأخيرة وتواجه خطر جائحة كوفيد-19.”
ودعا غريفيث إلى “الإسراع” في تنفيذ اتفاقية الرياض مؤكدا أن “نجاح هذه الاتفاقية يجب أن يحقق فوائد لأهل الجنوب، لا سيما في ما يتعلق بتحسين الخدمات العامة والأمن”.
– سيول وفيروس كورونا المستجد-
وبرر المجلس إعلانه “الإدارة الذاتية” بالقول إن الحكومة استمرت في “الصلف والتعنت في القيام بواجباتها”، بالإضافة إلى ” تلكئها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض”.
كما انتقد تردّي الخدمات العامة في عدن والذي “أظهرته بشكل جلي كارثة السيول الأخيرة ما تسبب في معاناة شديدة لأهلنا في العاصمة الجنوبية عدن”، متهما الحكومة اليمنية باستخدام ذلك ” كسلاح لتركيع الجنوبيين”.
وجاءت التطورات في الجنوب بينما شهد اليمن هذا الشهر سيولا تسبّبت بمصرع 21 شخصا على الأقل غالبيتهم في عدن، وفي وقت تعمل المنظمات الانسانية والطبية على منع تفشي فيروس كورونا المستجد في البلد الذي يعاني من انهيار شبه تام في قطاعه الصحي بفعل الحرب.
وكانت الأمم المتحدة قالت الأحد أن أكثر من 100 ألف شخص في أنحاء اليمن تأثروا بالأمطار الغزيرة التي ألحقت أضرارا بالطرق والجسور وتعطل شبكة الكهرباء وامدادات المياه.
وقالت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن ليز غراندي “لقد فقدت الكثير من الأسر كل ما تملكه.”
وبحسب غراندي “تأتي هذه المأساة على رأس أزمة كوفيد- 19 ، التي تأتي هي أيضا على رأس أزمة ما قبل المجاعة في العام الماضي، والتي جاءت على رأس أسوأ تفش للكوليرا في التاريخ الحديث”.
كما تأتي الخطوة في وقت يواصل المتمردون الحوثيون في الشمال محاولتهم التقدم نحو السيطرة على مناطق جديدة وأهمها مأرب، آخر معاقل الحكومة في شمال اليمن، على الرغم من وقف إطلاق نار أعلنه التحالف من جانب واحد للمساعدة على التفرغ للتصدي لفيروس كورونا.
ورأت الباحثة في شؤون اليمن في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال إن “فرصة اتيحت الآن أمام المجلس الانتقالي الجنوبي للاقدام على خطوة نظرا لتضافر العديد من الظروف، مع تركّز الانتباه الدولي على الهدنة التي اعنلتها السعودية مع الحوثيين ومخاطر وباء كوفيد 19”.
وبحسب كيندال، فإنه مع إضافة التوتر بفعل السيول التي ضربت اليمن مؤخرا فإن الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي “قاما بالاستدلال بالاستجابة الضعيفة كدليل على عدم قدرة الطرف الآخر على الحكم”.