السابع من مايو عام 1920، لم يكن مجرد يوم عادي في تاريخ مصر، بل كان يومًا حفر بحروف من نور في ذاكرة الوطن، يومًا شهد ميلاد صرح اقتصادي وطني عظيم، “بنك مصر”، الذي حمل على عاتقه هموم الوطن وأحلام أبنائه، وصار رمزًا للاستقلال الاقتصادي وعنوانًا للنهضة الوطنية.
فجر حلم طلعت حرب:
لم يكن تأسيس بنك مصر وليد صدفة، بل كان ثمرة جهد دؤوب ورؤية ثاقبة من المفكر والاقتصادي المصري طلعت حرب، الذي آمن إيمانًا راسخًا بأن “مصر للمصريين”، وأن تحقيق الاستقلال الحقيقي لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل لا بد أن يشمل أيضًا الاستقلال الاقتصادي.
فقد عبّر طلعت حرب عن هذه القناعة بوضوح في مقال كتبه عام 1907 على صفحات جريدة “الجريدة” حيث قال: “نطلب الاستقلال العام ونطلب أن تكون مصر للمصريين، وهذه أمنية كل مصرى لكن ما لنا لا نعمل للوصول إليها؟“.
من حلم إلى حقيقة:
لم تب كلمات طلعت حرب حبرًا على ورق، بل تحولت إلى حقيقة ملموسة على يديه، فبدأ في العمل على تأسيس بنك مصري وطني، واجه في طريقه العديد من التحديات والعقبات، إلا أنه لم ييأس، بل واصل العمل بإصرار وعزيمة.
ففي الثامن من مارس عام 1920، تم توقيع عقد تأسيس الشركة بين ثمانية من المائة والستة والعشرين مساهماً، و”زي النهارده” في السابع من مايو 1920، تم الاحتفال بافتتاح بنك مصر، ليصبح منارة أمل ومشعلًا للنهضة الوطنية.
بنك مصر: رمز الاستقلال الاقتصادي:
لم يقتصر دور بنك مصر على كونه مؤسسة مالية فقط، بل لعب دورًا هامًا في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تمويل المشاريع القومية الكبرى، وتأسيس العديد من الشركات في مختلف المجالات، مثل الطباعة وصناعة الورق، وحلج القطن والنسيج، وصناعة السينما، والخدمات العقارية، والتأمين، ومصايد الأسماك، والحرير والكتان، والنقل والشحن، والطيران، والسياحة، والجلود والدباغة، وتكرير البترول، والصباغة، والمستحضرات الطبية، والملاحة، والأسمنت، والمناجم والمحاجر، وتجارة وتصنيع الزيوت، والألبان والتغذية، والكيماويات، والفنادق.
إرث يضيء المستقبل:
يعد بنك مصر رمزًا خالداً للاستقلال الاقتصادي الوطني، وإرثًا عظيمًا للأجيال القادمة، شمعة تضيء دروب المستقبل، ودافعًا نحو المزيد من العمل والابتكار والإنجاز، ليظل بنك مصر صرحًا شامخًا يمثل روح مصر وعزيمتها وإصرارها على التقدم والازدهار.
#بنك_مصر #الذكرى_المئوية #الاستقلال_الاقتصادي #نهضة_وطنية