في مثل هذا اليوم، التاسع عشر من مارس عام ألفين وعشرة، أصدر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك القرار الجمهوري رقم اثنين وستين لعام ألفين وعشرة بتعيين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخًا للأزهر الشريف، ليصبح الإمام الثامن والأربعين في تاريخ المشيخة، خلفًا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي. جاء هذا التعيين في فترة شهدت تحديات كبيرة على المستويين الديني والسياسي، حيث كان الأزهر يواجه قضايا فقهية واجتماعية معقدة، إلى جانب دوره في الحياة العامة بمصر والعالم الإسلامي.
وُلد الدكتور أحمد الطيب في السادس من يناير عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين في قرية القرنة بمحافظة قنا [ الآن تابعة لمحافظة الأقصر] ، ونشأ في أسرة عريقة عُرفت بالعلم والتصوف. التحق بجامعة الأزهر وحصل على شهادة الاجازة العليا في العقيدة والفلسفة عام ألف وتسعمائة وتسعة وستين، ثم حصل على الماجستير عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين، ثم الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين من جامعة السوربون في فرنسا، مما أكسبه رؤية واسعة جمعت بين الفكر الإسلامي العميق والانفتاح على الفلسفات الغربية.
شغل الدكتور الطيب عدة مناصب أكاديمية، حيث عمل أستاذًا للفلسفة الإسلامية، ثم عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بأسوان، وعميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان. كما تولى منصب مفتي الديار المصرية في مارس عام ألفين واثنين، ثم رئيسًا لجامعة الأزهر في سبتمبر عام ألفين وثلاثة، قبل أن يُعيَّن شيخًا للأزهر في عام ألفين وعشرة.
إلى جانب أدواره الأكاديمية والإدارية، قدم الدكتور أحمد الطيب العديد من المؤلفات المهمة التي أثرت المكتبة الإسلامية والفكرية، ومن أبرزها مفهوم الحد في الفلسفة الإسلامية، وبحوث في الفلسفة الإسلامية، ومدخل لدراسة المنطق القديم، والفلسفة الإسلامية.. منهج وتطبيق، وأصول نظرية العلم عند الأشعري. وقد ساهمت هذه الكتب في توضيح العلاقة بين الفكر الإسلامي والفلسفة الغربية، وعكست رؤيته المتعمقة في قضايا العقيدة والمنطق والتصوف.
تميزت فترة مشيخة الدكتور أحمد الطيب بمواقفه الواضحة في الدفاع عن وسطية الإسلام ونبذ الغلو والتطرف، كما لعب دورًا بارزًا في تعزيز الحوار بين الأديان والتقريب بين المذاهب الإسلامية. حرص على تطوير مناهج الأزهر وتجديد الخطاب الديني لمواكبة تحديات العصر، كما دافع عن استقلالية الأزهر في مواجهة التدخلات السياسية، مؤكدًا دوره كمرجعية إسلامية عالمية.
استمر الإمام الأكبر في أداء دوره حتى اليوم، حيث ظل الأزهر في عهده أحد أهم المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، مدافعًا عن قضايا الأمة ومكرسًا لقيم التسامح والاعتدال.