كتب: عبد الرحمن محمد عثمان
بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم في سوريا في الثامن من ديسمبر، باتت قضية الأكراد إحدى أبرز الملفات المعقدة على الساحة السورية. يشكل الأكراد ثاني أكبر قومية في البلاد، ولطالما سعوا لتحقيق حكم ذاتي يضمن لهم حقوقًا سياسية وثقافية، لكن التحولات الأخيرة في المشهد السوري أضافت تعقيدات جديدة لوضعهم.
موقف الأكراد من سقوط النظام السوري
رحب العديد من القوى الكردية بسقوط نظام الأسد الذي كان يقيد حقوقهم السياسية والثقافية لعقود، لكنه في الوقت ذاته أثار مخاوفهم من القوى الجديدة التي باتت تسيطر على البلاد، وخاصة هيئة تحرير الشام.
• الإدارة الذاتية الكردية: أعلنت القوى الكردية، الممثلة بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عن استعدادها للحوار مع الحكومة الجديدة في دمشق، لكنها أكدت تمسكها بحقوقها في إدارة المناطق الكردية.
• المخاوف الأمنية: يخشى الأكراد من اندلاع مواجهات مع الحكومة الجديدة أو الفصائل المسلحة المتحالفة معها، خاصة مع وجود خلافات تاريخية بين الطرفين حول رؤى الحكم ومستقبل سوريا.
الوضع الحالي للأكراد في سوريا
بعد سقوط النظام، تركزت سيطرة الأكراد في شمال وشرق سوريا، حيث يديرون مناطق واسعة ضمن إطار الإدارة الذاتية، لكنهم يواجهون تحديات عدة:
1. علاقات مع الحكومة الجديدة:
هيئة تحرير الشام لم تعلن موقفًا واضحًا من حقوق الأكراد، ما يترك مستقبل العلاقة بين الطرفين غامضًا.
2. ضغوط إقليمية ودولية:
• تركيا: تواصل تركيا معارضة أي وجود كردي ذي طابع حكم ذاتي قرب حدودها، مما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في مناطق سيطرة الأكراد.
• الولايات المتحدة: تدعم واشنطن قوات سوريا الديمقراطية كحليف رئيسي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها قد تضطر لإعادة النظر في سياستها مع تغير الوضع في سوريا.
• إيران: تسعى إيران للضغط على الأكراد لمنع أي تأثير محتمل على أكرادها داخل أراضيها.
3. الأوضاع الإنسانية والاقتصادية:
يعاني الأكراد، كسائر سكان سوريا، من تدهور اقتصادي ونقص في الخدمات نتيجة سنوات الحرب. كما أن الحصار المفروض على مناطقهم من عدة جهات يزيد من معاناتهم.
التحديات أمام الأكراد في المرحلة المقبلة
• مستقبل الإدارة الذاتية: هل سيتم الاعتراف بها كجزء من النظام السياسي الجديد أم ستواجه محاولات للحل؟
• التصعيد العسكري: مخاطر المواجهة مع الحكومة الجديدة أو الفصائل الحليفة لها، خاصة في ظل تحركات تركيا المستمرة في الشمال السوري.
• الاعتراف الدولي: تحتاج القوى الكردية إلى تأمين دعم دولي أكبر لضمان حقوقها ضمن التسويات المستقبلية للأزمة السورية.
ردود الأفعال الكردية
• قوات سوريا الديمقراطية: أكدت أنها لن تدخل في أي صراعات داخلية، لكنها ستدافع عن المناطق التي تسيطر عليها ضد أي تهديد.
• الأحزاب السياسية الكردية: دعت إلى حوار وطني شامل يضمن مشاركة جميع المكونات السورية في بناء مستقبل البلاد.
خاتمة
وضع الأكراد في سوريا بعد سقوط نظام الأسد يظل معقدًا ومليئًا بالتحديات. وبينما يرحبون بتغيير النظام، يسعون لضمان حقوقهم في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. مصير الأكراد في سوريا سيكون عاملًا رئيسيًا في تحديد شكل الحل السياسي النهائي للأزمة السورية.