تمر هذه الأيام ذكرى بزوغ شمس مصر الحديثة … مصر التي يحكمها أبناؤها لأول مرة منذ نحو 14 قرنا حيث توالى على حكمها ملوك وأمراء وحكام ليس من بينهم مصري واحد . مصر الحديثة التي تنعم وتتنفس نسائم الحرية بعد ربوض عديد من الإحتلالات الأجنبية المتتالية على أرضها لتستغل خيراتها وتحرم أبنائها من التمتع بخير أرضهم أو حكم أنفسهم بأنفسهم. ثمان وستون عاما تمر اليوم على ثورة حققت لأبناء الوطن حلما كادبعضهم أن ينساه من طول ما حلموا ولم يتحقق وهو أن تكون بلادهم “مصر” “للمصريين” .
ورغم هذا فلم تسلم مصر ولا ثورة يوليو من محاولات أعداء الوطن وكارهيه والخونة النيل من إستقلال مصر وإعادة عقارب الساعة إلى الماضي ، هؤلاء الذين يريدون أن يفسدوا كل إنجاز يتحقق على أرضنا أو يقللوا منه لا لشيء إلا لأنه لم يتحقق على يد أجنبي أو بأمواله. لكن هيهات.. فشعب مصر الصامد وجيشه الأمين يقفان بالمرصاد لهؤلاء جميعا وسيحافظون على استقلال مصر وأمنها ويعملون على رفاهية شعبها ورفعتها بين الأمم.
وستظل “ثورة يوليو المصرية “ملهمة لكل ثورات العالم الحر .
ثورة يوليو كانت في البداية حركة عسكرية قادها نفر من ضباط جيش مصر ضد فساد الحكم الملكي في 23 يوليو1952 وعرفت في البداية باسم “الحركة المباركة” ثم أطلق عليها ثورة 23 يوليو عقب حل الأحزاب السياسية واسقاط دستور ١٩٢٣ في يناير ١٩٥٣.
المقدمات
في أثناء وأعقاب الحرب العالمية الثانية وظهور مدى ضعف الملك فاروق الأول أمام سلطة الإنجليز ، وانتشار حالة الفساد السياسي والحزبي واضطراب الأحوال الاقتصادية في مصر ، فكر عدد من ضباط الجيش المصري أنه لابد من إنهاء هذه الحالة بأي وسيلة . وقام عدد منهم ، بقيادة “البكباشي \ جمال عبد الناصر ،بتكوين تنظيما سريا يسمى “الضباط الأحرار . وانضم إليه كثير من الضباط الشبان ومتوسطي الرتب من مختلف أسلحة الجيش المصري . ومن أشهرهم أنور السادات ، وعبد اللطيف بغدادي، وخالد محي الدين ، وعبد الحكيم عامر، وجمال وصلاح سالم.
وبعد حرب 1948 وضياع فلسطين أظهر تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري غضبه الشديد من سوء الأحوال وعدم دعم الجيش الذي دخل معركة كان من المفترض عدم خسارتها ، ولكن ب سبب تزويد الجيش بأسلحة فاسدة في الحرب خسر معركة حماية فلسطين رغم تقدمه في البداية . وأعتبر الضباط الأحرار قضية الأسلحة الفاسدة القشة التي يجب أن تقصم ظهر الفساد في كافة أنحاء البلاد وكافة قطاعاتها ،ولم يعودوا يستطيعون التحمل فزاد نشاطهم داخل الجيش وخارجه واستقطبوا عدد أكبر من الضباط الذين يشاركونهم فكرهم وتوجههم التحرري.
ولما كان معظم الضباط من صغار السن ، الذين قد لا يروق لأبناء الشعب أن يقودهم من هم في سن لا يجاوز ال 35 عاما ، فقد رأى قادة الحركة وعلى رأسهم “جمال عبد الناصر” أن يختاروا أحد الضباط الكبار الذين يحظون بشعبية جيدة في الجيش وممن لهم أراء تحررية توافق أراءهم وأن يضموه إلى صفوفهم ليكون رمزا لثورتهم . ورأوا في “اللواء محمد نجيب” الشخص الذي يمكن أن يحمل هذه الصفات. ولذا فقد دعموه، أولا، في معركة انتخابه لرئاسة “نادي الضباط”أمام مرشح القصر الملكي. وفاز فيها نجيب بالفعل. وقبل اللواء “محمد نجيب” فكرة قيادة الثورة بروح وطنية موجازفة تحسب له
فجر الثورة:
وفي 23 يوليو1952 قام التنظيم ب ثورة بيضاء لم ترق بها دماء أي مصري أو أجنبي، ونجح في السيطرة على كافة المرافق الحيوية في البلاد وخاصة وزارة الحربية والداخلية وكافة الثكنات العسكرية والأمنية ووصلوا إلى دار الإذاعة وأذيع البيان الأول للثورة بصوت القائم مقام أنور السادات وهذا نصه:
بيان ثورة يوليو
«من اللواء أركان الحرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة إلى الشعب المصري
اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوةوالفساد وعدم استقرار الحكم. وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين.
وأَما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها.
وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب.
وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال. وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس. وإني أُطَمئِن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويَعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم
والله ولي التوفيق.»
ولم يكن الضباط الأحرار ينتوون في البداية السيطرة بصورة كاملة على الحكم بل مجرد تطهير الجيش من الفاسدين . لكن الأمور تطورت بسرعة بعد الترحيب الشعبي الكبير بالحركة وعدم وجود أي مقاومة شعبية أو سياسية لها، وهذا ما شجعهم على المضي بخطوات أكبر لتخليص البلاد من الحكم الملكي الفاسد وأصدر الضباط الأحرار إنذارا يوم السادس والعشرين من يوليو 1952 يطلب من الملك التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في خلال 6 ساعات من الإنذار . وأمام التأييد الشعبي الجارف للثورة رضخ الملك “فاروق الأول ” لمطالب الثوار وتنازل عن العرش لولي عهده ” الأمير أحمد فؤاد” وغادر مصر على متن يخت “المحروسة مساء يوم 26 يوليو1952 ، وهو نفس اليخت الذي حمل جده الخديو إسماعيل إلى خارج مصر حين عزله السلطان العثماني ووضع إبنه توفيق على عرش مصر..
وتم تشكيل مجلس وصاية على العرش ولكن إدارة الامور كانت في يد مجلس قيادة الثورة المشكل من 13 ضابط برئاسة محمد نجيب كانوا هم قيادة تنظيم الضباط الأحرار.
في عام 1953 رأى الضباط الأحرار أن بقاء مصر بنظامها الملكي في ظل حكم فرد من أسرة “محمد علي “يمثل تهديدا لثورتهم ومبادئها وربما يشكل عاملا لعدم الاستقرار لذا أجمعوا أمرهم على إلغء النظام الملكي وإنهاء حكم أسرة محمد علي ، الذي سيطر على البلاد أكثر من 147 عاما. وأعلنت الجمهورية في 18 يونيو 1953. وأصبح اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية الوليدة.
قيادة الحركة
كان القائد المعلن للحركة التي سميت فيما بعد بالثورة هو اللواء محمد نجيب والواقع أنه تم اختياره – من قبل الضباط الأحرار – كواجهة للثورة لما يتمتع به من سمعة حسنة داخل الجيش وكان اللواء الوحيد في التنظيم. لكن صراعا نشأ بينه وبين جمال عبد الناصر بعد أن رأى اللواء محمد نجيب ضرورة تسليم السلطة لسلطة مدنية وأن يتم ضم حركة الإخوان المسلمين إليها ، وهي أمور رفضها كل من عبد الناصر وأغلبية الضباط الأحرار. استطاع جمال أن يحسم الأمور إلى صفه في النهاية وحدد إقامة محمد نجيب في قصر زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا بضاحية المرج شرق القاهرة.
تولى جمال عبد الناصر بعد ذلك حكم مصر من 1954 ، كرئيس للوزراء ، ثم رئيسا منتخبا لجمهورية مصر في عام 1956 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من الشرعية الثورية لثورة يوليو .
مبادئ ثورة يوليو
كان الضباط الأحرار يحملون أنفسهم مسئولية تحقيق كل طموحات وأمال الشعب المصري ، ولذا وضعوا مجموعة من المبادئ التي تعهدوا بتنفيذها ولم تُعلن هذه المبادئ إلا عام 1956 بعد أن دانت لهم السيطرة الكاملة على كافة أوجه الحياة بمصر، وهذه المبادئ هي:
1. القضاء على الإقطاع.
2. القضاء على الاستعمار.
3. القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم.
4. إقامة جيش وطني قوي.
5. إقامة عدالة اجتماعية.
6. إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
أعضاء مجلس قيادة الثورة
• محمد نجيب (رئيسا]
• جمال عبد الناصر ( زعيم ال ثورة )
• عبد الحكيم عامر
• يوسف صديق
• حسين الشافعي
• صلاح سالم
• جمال سالم
• خالد محيي الدين
• زكريا محيي الدين
• كمال الدين حسين
• عبد اللطيف البغدادي
• عبد المنعم أمين
• محمد أنور السادات
• جمال حماد
إنجازات ثورة يوليو
الإنجازات المحلية
أ-الإنجازات السياسية
• استرداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي
• السيطرة على الحكم في مصر واسقاط الحكم الملكي وإجبار الملك على التنازل عن العرش ثم الرحيل عن مصر إلى إيطاليا
• الغاء النظام الملكي وقيام الجمهورية
• توقيع اتفاقية بلاء الإنجليز عن مصر بعد أربعة و سبعين عاما من الاحتلال
تأميم قناة السويس
• الغاء دستور 1923 في ديسمبر 1952
• اعلان اللواء محمد نجيب اول رئيس للجمهورية في 18 يونيه 1953
ب-إنجازات ثقافية
• أنشأت الثورة الهيئة العامة لقصور الثقافة وقصور الثقافة والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديموقراطي للثقافة وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة وهو ما يعد من أهم وأبرز إنجازاتها الثقافية
• إنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والاوبرا والموسيقى والفنون الشعبية
• رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التي أنشأها النظام السابق ثقافي
- • وجهت بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية
- إنشاء التلفزيون المصري عام 1960 ليكون أهم رافد إعلامي ثقافي مصري في ال60 عام الماضية
- التوسع في القنوات المحلية وإنشاء القنوات الفضائية الدولية والإقليمية
- دعم الإذاعة المصرية لتغطي بإرسالها كافة الأراضي المصرية ، بل ويصل إرسالها للعالم الخارجي عبر الموجات القصيرة في البداية ثم عبر الأقمار الصناعية.
- إنشاء مدينة إعلامية متخصصة في الإنتاج الإعلامي
ج-إنجازات تعليمية
• قررت مجانية التعليم العام وأضافت مجانية التعليم العالي
• ضاعفت من ميزانية التعليم العالي
• أضافت عشرة جامعات أنشئت في جميع أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط
• إنشاء مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية
د-إنجازات اقتصادية واجتماعية
• تعتبر الثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا أشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية
• أعلنت الثورة عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكرا عندما أصدرت قانون “تحديد الملكية الزراعية ” [الإصلاح الزراعي ]يوم 9 سبتمبر 1952
• قضت على الإقطاع وأنزلت الملكيات الزراعية من عرشها
• تمصير وتأميم التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب
• إلغاء التمييز بين الطبقات في أبناء الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري
• قضت على معاملة العمال والفلاحين كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل
• حررت الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وتوزيع الإراضي على الفلاحين بواقع 5 أفدنة لكل فلاح .
• قضت على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي
• انشاء السد العالي 1960 وإكتمال بناؤه 1971.
الصناعة المصرية في ظل ثورة يوليو .. وأهم تطوراتها
لم تكن الصناعة المصرية تسير طبقا لسياسات محددة المعالم والأهداف كما لم يكن لها نصيب كبير في الدخل القومي الذي كان يعتمد اساسا على الزراعة فلم يزد نصيب الصناعة على 10%من الدخل القومي منذ الثلاثينات وحتى اوائل الخمسينات .
صورة مصر الاقتصادية عند قيام الثورة :
لم تكن السيطرة الاستعمارية لمصر احتلالا عسكريا فحسب ، بل إن بريطانيا كانت في الواقع تمارس عملية استغلال اقتصادي بشع يتولاها الاستعمار العالمي . ، فكان النظام المصرفي بأكمله ، ابتداء من البنك المركزي “البنك الأهلي” حتى اصغر بنوك الرهونات ، تحت سيطرة راس المال الأجنبي ، وكذلك كل نشاط التأمين في مصر ، ومعنى ذلك أن المال – عصب الحياة الاقتصادية – لم تكن تحكم حركته قرارات مصرية كما أن مدخرات المصريين التي كانت تتجمع لدى البنوك وشركات التأمين كانت تحت تصرف الأجانب ، يحولونها إلى الخارج أو يوجهونها لتمويل نشاط الأجانب المتمصرين في مصر ، ولم يكن يحظى بقروض البنوك من المصريين إلا الإقطاعيون وكبار الرأسماليين المرتبطين بالمصالح الأجنبية ، حتى يستطيع الاستعمار اخذ نصيبه مما استولى عليه أعوانه من عرق الفلاح والعامل المصري ، وهكذا كان طريق التنمية مسدودا أمام الرأسمالية الوطنية التي كانت تعانى الأمرين في الاقتراض من البنوك الأجنبية ، بل أمام الدولة ذاتها التي لم تكن تملك – حتى لو أرادت – الموارد الكافية لتمويل أي برنامج إنمائي .
كذلك كانت التجارة الخارجية حكرا على الأجانب وقلة من المصريين تدور في فلكهم ، فأهم الصادرات وهو القطن (حوالي 85% من الإجمالي) تحت سيطرة بيوت التصدير الأجنبية التي كانت تسيطر في نفس الوقت على المحالج والمكابس ، والواردات التي كانت تمر حتما بالتوكيلات المحلية للشركات الأجنبية ، ووكالات الاستيراد “والقومسيونجية” وكانت التجارة الخارجية تمثل في ذلك الوقت حوالي 50% من الدخل القومي ، ومعنى ذلك أن نصف الدخل القومي لا تؤثر فيه يد وطنية ولا سياسة وطنية .
وكانت مصادر الطاقة – وهي أساس التصنيع وتطوير الزراعة – في يد الأجانب ، فاستخراج البترول احتكار لشركة شل واستيراد البترول ومنتجاته وتوزيعها بيد شركات البترول العالمية أو فروعها المحلية ، ومحطات الكهرباء الحرارية الهامة بيد شركات فرنسية أو بلجيكية .
وكان للمصالح الاستعمارية الوزن الأكبر في قطاع النقل فقناة السويس دولة داخل الدولة وشركات النقل البحري والنقل النهري يسيطر عليها الأجانب ، والنقل العام بالقاهرة تحكمه شركة بلجيكية والنقل الجوى يساهم فيه البريطانيون .
وكان الجزء الأكبر من الصناعة – رغم نموها المحدود – بيد الأجانب أو ساهم فيه الأجانب المتمصرون ، حتى صناعة النسيج المصرية التي أقامها بنك مصر ، دخلت مرحلة التعاون مع راس المال الأجنبي .
وكان للأجانب والمتمصرين النصيب الأساسي في التجارة الداخلية ، فتجارة الداخل في القطن يشارك فيها الأجانب وخاضعة لتوجيهات بيوت التصدير الأجنبية والبنوك الأجنبية التي تمولها وتجارة الجملة – حتى في منتجات الصناعة المصرية – يسيطر عليها أجانب ومتمصرون ، والمحلات التجارية الكبرى كلها محلات أجنبية.
الاقطاع :
عمل الاستعمار البريطاني منذ احتلاله البلاد عام 1882 على تأكيد مركز كبار الملاك والإقطاعيين وزيادة عددهم ، فأقر لهم القانون بحق الملكية الفردية على أراضى مغتصبة ولم يكن لهم عليها إلا حق الانتفاع أما عن صورة الإقطاع عشية ثورة 23 يوليو ، فقد كان عدد من يملكون أكثر من 50 فدانا يزيد قليلا عن 11.800 فرد ، وكانوا يملكون 38% من المساحة المنزرعة ، بمتوسط يقارب 200 فدان للفرد الواحد ، وكان كبار الملاك الإقطاعيين يسيطرون على الحياة السياسية ، فالدستور كان يشترط لعضوية مجلس الشيوخ ملكية أرض لا تقل ضريبتها السنوية عن 150 جنيها .
الرأسمالية الكبيرة
كانت الرأسمالية المصرية في مجموعها على درجة ضعيفة من النمو إلى حد بعيد ، كما كان في داخلها انقسام واضح بين الرأسمالية الوطنية ضحية القهر والاستغلال ، والرأسمالية الكبيرة التي تدين بالولاء للمستعمر .
وبالطبع كانت نتيجة كل هذا هي التخلف الاقتصادي والاجتماعي والمعبر عنه بثالوث “الفقر والجهل ، والمرض” وكانت مصر بحق مجتمع النصف في المائة .
ثورة يوليو والنهضة الصناعية
تطورت حركة التصنيع في مصر بعد ثورة 23 يوليو عام 1952 تطوراً ملحوظاً ، فقد كان حلم يوليو الصناعي هو تصنيع كل شىء من ” الابرة الى الصاروخ” مع اهتمام خاص بالتصنيع الثقيل والعسكري استجابة لروح التحدي العسكرية التي كانت تحيط بمصر في ذلك الوقت و أعطيت الأولوية للصناعات الكيماوية و الغزل والنسيج و الصناعات المعدنية خاصة الحديد و الصلب و الأسمنت والألمونيوم. و قد تركزت هذه الصناعات الوطنية على الشريط المأهول من وادي النيل في جنوب الصعيد و القاهرة و الدلتا و الإسكندرية .وأقامت الثورة مصانع الحديد والصلب من أجل تطوير الصناعات الثقيلة ، مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه ، و شركة الأسمدة كيما ،ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك ،ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف ،ومصانع الكابلات الكهربائية ، وتوليد طاقة كهربائية من السد العالى تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقرى ، كما تم بناء المناجم في أسوان والواحات البحرية . وأقيمت المصانع الحربية لسد حاجة الجيش المصري من الأسلحة والذخائر .
وكانت نتيجة بناء تلك القلاع الصناعية فتح أبواب العمل أمام الملايين من أبناء مصر في كل المجالات الصناعية والخدمية .
خطط التنمية الصناعية في عهد الثورة :
وقد بدا الاهتمام المركز بالصناعة منذ قيام الثورة حيث طرحت مسالة التصنيع كضرورة اقتصادية واجتماعية داعية الرأسمالية المصرية بل والأجنبية أيضا للإقدام على إقامة المشروعات الصناعية، وقامت بإنشاء المجلس القومي للإنتاج في عام 1955 الذي قام بدور المروج للمشروعات الصناعية
وبعد دحر العدوان الثلاثي ، شقت الثورة طريق التنمية الاقتصادية المستقلة لبناء اقتصاد وطني حديث يقوم على الصناعة وقامت بإنشاء وزارة الصناعة في يوليو عام 1957 وتم وضع اول برنامج قومي للتصنيع في عام 1957 بلغت تكاليفه الكلية حينئذ 250 مليونا من الجنيهات لينفذ على خمس سنوات اختصرت الى ثلاث وتضمن البرنامج الكثير من الصناعات الكيماوية ، وصناعات مواد البناء وتبعته الصناعات المعدنية والهندسية .
وفي أواخر عام 1959 تقرر إعداد برنامج التصنيع الثاني ليغطى فترة السنوات الخمس التالية واستهدفت الخطة الخمسية الاولى (60/1961-64/1965) اعطاء دفعة قوية للصناعة فخصص لها 26,7%من الاستثمارات الكلية بهدف زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 42%فى نهاية تلك الخطة (3)
وأنجزت الثورة ثلاث خطوات حاسمة على طريق التنمية : –
أ- أولاها وضع خطة مضاعفة الدخل الوطني في عشر سنوات وهو معروف باسم الخطة الخمسية الأولى وكان معنى ذلك التسليم بمبدأ التخطيط للتنمية .
ب- وثانيها الإقدام على التأميمات الكبرى ابتداء بتأميم البنك الأهلي وبنك مصر في فبراير 1960 ثم تأميمات يوليو 1961 وما بعدها،وقوانين يوليو الاشتراكية وكان معنى ذلك التسليم بأن القطاع العام هو القاعدة الأساسية للتنمية .
ج- وثالثتها وضع ميثاق العمل الوطني وشق طريق التحولات الاقتصادية والاجتماعية بهدف الوصول إلى الاشتراكية، وكان معنى ذلك أن التنمية عملية ثورية ترمي ليس فقط لتحقيق الاستقلال الاقتصادي وإنما ترمى أيضا لتغيير المجتمع وإعادة بنائه لصالح مجموع قواه العاملة .
وقد ظل نصيب الاستثمارات الصناعية يدور حول نسبة 25%من الاستثمارات الكلية منذ عام 1960 فيما عدا الفترة من عام 1967 الى عام 1974 حيث مرت البلاد بمرحلة اقتصاديات الحرب التي حدت من الاستثمارات الجديدة وأبطأت عملية التنمية وتضاعفت مشاكل الصناعة من حيث مشاكل استيراد الخامات وقطع الغيار مع القيام بدورها كاملا في سد الاحتياجات المحلية من المنتجات المتاحة وبدأت مرحلة جديدة بعد عام 1974 حيث بدا التحول من اقتصاد الحرب الى اقتصاد السلام وبدا الاتجاه نحو التعمير والإحلال والتجديد في ظل سياسة اقتصادية جديدة هى سياسة الانفتاح .
وقد أعلن البنك الدولي في تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا ، وهذا يعني أن مصر استطاعت في عشر سنوات من عصر الثورة أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه في الأربعين سنة السابقة على عصر الثورة .
كانت تلك نتيجة لا مثيل لها في العالم النامي كله حيث لم يزد معدل النمو السنوي في أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن 2.5% بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها في العالم المتقدم باستثناء اليابان ، وألمانيا الغربية ، ومجموعة الدول الشيوعية ، فمثلا إيطاليا وهى دولة صناعية متقدمة ومن الدول الصناعية الكبرى حققت نسبة نمو 4.5 % فقط في نفس الفترة الزمنية .
استطاع الاقتصاد المصري على الرغم من نكسة 67 أن يتحمل تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالي الذي اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسي وتنموي في القرن العشرين ، والذي يعادل في بنائه 17 هرما في حجم وعظمة تشييد هرم خوفو .
ومن الإنجازات الأخرى :
– بناء مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه.
– استطاعت مصر الحفاظ على نسبة النمو الإقتصادي في عامي 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا .
– تمكن الاقتصاد المصري عام 1969 من تحقيق زيادة في فائض الميزان التجاري لأول مرة في تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنيه بأسعار ذلك الزمان .
– كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية .
– زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15% ولأول مرة تسبق الزيادة في رقعة الأرض الزراعية الزيادة في معدل الزيادة في عدد السكان .
– زادت مساحة الأراضي المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2.1 مليون فدان إلى حوالى 4 ملايين فدان .
– حتى عام 1970 كان اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي.
– أنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية في العالم الثالث حيث بلغت عدد المصانع التي أنشئت في عهد الثورة 1200 مصنعا منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية وإستراتيجية
– انعكست النهضة الاقتصادية في عهد الثورة على مستوى التعليم حيث انخفضت نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم في كل مراحل الدراسة .
ثمة اتفاق بين المؤرخين والباحثين على أن البعد الاقتصادي كان من أولويات ثورة 23 يوليو… حيث ركزت الثورة في قراراتها المتعاقبة على تحديث وتطوير الاقتصاد الوطني وكان قرارها الاول والأسرع هو اصدار قانون الاصلاح الزراعي بعد فترة وجيزة من قيام الثورة وعلى وجه التحديد في 7 سبتمبر 1952 ، وهو القرار الذي أَنْصَف ملايين الفلاحين ، واعاد للمجتمع توازنه من خلال احداث عملية اعادة توزيع للثروة ، والدخل والسلطة الاجتماعية في الريف المصري ويكفي للدلالة على هذا ما احدثه هذا القرار وما تلاه من قرارات اخرى من آثار ايجابية على الاقتصاد الوطني انه خلال الفترة من عام 1952 وحتى 1970 تم توزيع نحو 818 الف فدان على حوالي 342 الف اسرة تضم نحو 1.7 مليون فرد .
وقامت الثورة بتشييد المصانع في شمال الوادي وجنوبه ، ولعل مشروع الحديد والصلب بحلوان ، ومصانع الألمونيوم في نجع حمادي ، ومصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى ومصانع الكيماويات في أسوان وغيرها من قلاع الصناعة الوطنية خير شاهد على نجاح الثورة في تعظيم الصناعة وجعلها ركيزة البناء والتنمية ، والتي دحضت مقولة ان مصر لا تصلح إلا ان تكون بلدا زراعيا… كما ازداد الاقتصاد المصري قوة من خلال تمصير عدد من المشروعات ، وفي مقدمتها تأميم قناة السويس بالإضافة الى انجاز السد العالي الذي لم يغير فقط وجه الحياة على ارض مصر…بل كان عنوانا لقوة الارادة في وجه اعتى التحديات التي ارادت عرقلة هذا المشروع القومي الهام . وكان من ثمار ذلك تحقيق نسبة معدل نمو عالية بلغت 7% خلال الفترة من عام 1957 – 1967 ، وهي نسبة تجاوزت بكثير معدلات النمو في كثير من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء .
واذا كانت ثورة يوليو قد وضعت الاساس لاقتصاد وطني يرتكز على ساقين قويتين هما الصناعة والزراعة… فإن مصر المعاصرة قد شرعت منذ وقت ليس بالقصير في اقامة العديد من المشروعات القومية العملاقة التي تشكل قاطرة للتنمية المستدامة ويأتى في مقدمة هذه المشروعات قناة السويس الجديدة – التي تم انجازها في عام واحد ( اغسطس 2014- اغسطس 2015 ) ، وبتمويل وطنى خالص ، ثم المشروع القومي لتنمية محور قناة السويس الذي يهدف الى جعل منطقة قناة السويس مركزا عالميا للملاحة البحرية ، والخدمات اللوجستية ، ومركزا صناعيا وبوابة للتجارة بين الشرق والغرب ، والمشروع القومي لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان الذي يهدف إلى ارساء قواعد متينة لمجتمعات عمرانية متكاملة ، والمشروع القومي للطرق الذي يشكل الرافعة الأساسية لعملية التنمية . هذا الى جانب الجيل الجديد من المدن العمرانية الحديثة ، والعاصمة الإدارية الجديدة ، ومشروع هضبة الجلالة وغيرها .
وكانت العدالة الاجتماعية من المبادئ الأساسية لثورة يوليو ، وفى الوقت الراهن يشكل البعد الإجتماعي الإطار الحاكم لكافة المشروعات التنموية التي تقوم ركيزتها الأساسية على توفير سبل العيش الكريم لكل المواطنين . وفي ترجمة عملية لهذه الفلسفة اتخذت القيادة السياسية بالأمس القريب حزمة من القرارات الرامية الى تخفيف العبء عن محدودي الدخل وحماية الطبقات المهمشة والفئات الأكثر احتياجا ، وفى مقدمتها زيادة الدعم النقدي للفرد شهريا على بطاقات التموين ، من 21 جنيها حتى 50 جنيها، بقيمة 85 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة . وزيادة المعاشات التأمينية أربع مرات بنسبة 15% في كل مرة ، وبحد أدنى قدره 150 جنيها لـ10 ملايين مواطن من أرباب المعاشات، وبنحو 200 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة …وهذه القرارات في مجملها تؤكد على نجاح سياسة الإصلاح الإقتصادي والتي يخصص عائدها لصالح محدودي الدخل .
كما طرحت الدولة العديد من المشروعات والمبادرات والبرامج الرامية إلى حماية الأسر الفقيرة ومنها برنامج تكافل وكرامة والذي يعكس فهما عميقا لمفهوم العدالة الاجتماعية من خلال حماية الأسر الفقيرة التي ليس لها عائل ( برنامج تكافل ) ، والمسنين والمعاقين ( برنامج كرامة ) .
ويبرهن المشروع القومي للإسكان الإجتماعي على وقوف الدولة الى جانب الفئات الأكثر احتياجا وبخاصة سكان العشوائيات مما يعني ذلك في المقام الأول التغيير نحو الأفضل ، ولتكون مصر خالية من العشوائيات خلال عامين .
وثمة اهتمام بالعدالة الاجتماعية في بُعدها الثقافي بما يفضي الى وصول المنتج الثقافي بصوره وأشكاله المختلفة ( معارض الكتاب ، السينما ، الندوات …إلخ ) الى الأحياء والقرى والنجوع والكفور وكل بقعة على امتداد مصر .
لقد وضعت ثورة يوليو استراتيجية طموحة لتفعيل دور المرأة في الحياة العامة عموما وفي عملية التنمية على وجه الخصوص وتم التأكيد على هذا الدور في القوانين والتشريعات التي اصدرتها الثورة من ذلك دستور 1956 الذي منح المرأة لأول مرة المساواة مع الرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية ومن ثم دخلت المرأة لأول مرة في البرلمان عام 1957 وشغلت منصب وزيرة في حكومة 1962 . وفى الوقت الراهن –تمكنت المرأة من حصد 90 مقعدا في مجلس النواب بنسبة 15 % من إجمالي المقاعد البالغ 596 مقعدا وهي الأعلى في تاريخ البرلمانات المصرية .
ولم يكتف المشرع بهذا بل تم تعديل الدستور وتم تخصيص 25% من مقاعد البرلمان للمرأة
الإنجازات العربية
• توحيد الجهود العربية وحشد الطاقات العربية لصالح حركات التحرر العربية
• أكدت للأمة من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب في الوحدة العربية وتحكمها أسس أولها تاريخي وثانيها اللغة المشتركة لعقلية جماعية وثالثها نفسي واجتماعي لوجدان واحد مشترك
• بناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين
• لم تمانع قيادة الثورة في حصول السودان على استقلاله عن مصر وتقرير مصيره بنفسه
• دعمت مصر ثورة الشعب الجزائري على الاحتلال الفرنسي حتى إخراجه من هناك بين عامي 1954 و1963
• أقامت الثورة تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958 استمرت حتى سبتمبر 1961
• قامت الثورة بعقد اتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا انضمت إليه اليمن
• الدفاع عن حق الصومال في تقرير مصيره
• ساهمت الثورة في استقلال الكويت
• قامت الثورة بدعم الثورة العراقية
• أصبحت مصر قطب القوة في العالم العربي مما فرض عليها مسئولية الحماية والدفاع لنفسها ولمن حولها
• ساندت مصر بكل قوة ثورة الشعب اليمني الشمالي على حكم الإمام البدر حتى أسقطته في عام 1962
• ساعدت مصر اليمن الجنوبي في ثورته ضد المحتل حتى النصر واعلان الجمهورية
• ساندت الثورة الشعب الليبي في ثورته ضد الاحتلال
• دعمت الثورة حركة التحرر في تونس والمغرب حتى الاستقلال
الإنجازات العالمية
• تشكيل حركة عدم الانحياز مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم جوزيف بروز تيتو والهند بقيادة جواهر لال نهرو مما جعل لها وزن ودور ملموس ومؤثر على المستوى العالمي
• وقعت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955 والتي اعتبرت نقطة تحول كسرت احتكار السلاح العالمي
• دعمت حركات التحرر في كل أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية
• كان للأزهر الدور الأبرز في نشر الدعوة الإسلامية في أفريقيا و آسيا
• دعت الثورة إلى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في القاهرة عام 1958
الجيش المصري الوطني أهم إنجازات ثورة 23 يوليو
في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن ثورة يوليو 1952، أصبحت أوراقا في دفاتر التاريخ، وتم الانقضاض على مكتسباتها خارجيا وداخليا، سواء بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أو بحرب يونيو 67، ونكستها، ، يرى البعض الآخر، أن تحقيق أحد مبادئ الثورة الستة، ببناء جيش وطني وقوي، أنقذ مصر في النهاية من براثن نظام الإخوان الذي إنقض على حكم مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 ، وانحاز للشعب في ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 ، ليستكمل ما بدأته الثورة الأم.
وهاهو اليوم يقود حرب مصر على الإرهاب ويتصدى لتهديدات الأمن القومي على الناحية الإستراتيجية الغربية في نفس الوقت الذي تهتم مصر بتطويره ودعمه بكل ما يحتاجه ليكون الجيش القوي الذي يحمي ولا يعتدي لكنه يردع الأعداء عن التفكير في محاولة الإعتداء على مصر أرضا وشعبا. ونجحت عمليات التطوير المستمرة في الجيش المصري في جعل قواته الجوية تحتل المرتبة التاسعة عالمياو القوات البحرية تحتل المرتبة السادسة عالميا وتم تشكيل أسطولين بحريين مصريين على المستوى الشمالي والجنوبي يختص كل منهما في حماية إتجاها إستراتيجيا مِصريا ويتكاملان في حماية أمن مصر القومي العسكري والإقتصادي بعد أن أن توسعت المصالح الإقتصادية الإستراتيجية المصرية في الشمال ، ممثلة في حقول الغاز المصرية الكبرى. وتم دعم القوة العسكرية للجيش المصري بقاعدتين كبيرتين على نفس الإتجاهين الإستراتيجيَين الشمالي والشمال الغربي من جهة ، ممثلا في قاعدة محمد نجيب، والإتجاه الجنوبي والجنوبي الشرقي ، ممثلا في قاعدة برنيس الجوبحرية. ناهيك عن دعم قواتنا بأحدث الطائرات والغواصات والقطع البحرية الكبيرة بما فيها حاملات طائرات الهليكوبتر. مترادفة مع دعم عمليات التدريب والتأهيل المستمرة لكل أفراد القوات المسلحة بكافة أفرعها البرية والبحرية والجوية وقوات الدفاع الجوي. ا
إن ثورة يوليو 1952 وأخواتها ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 تجسيد حي لتلاحم الشعب المصري وجيشه وشرطته دفاعا عن مصر الأم بأرضها وحدودها وتاريخها ودينها وشعبها. ومنجزات الثورات الثلاث تؤكد وحدة الهدف والمصير بين القوى الثلاث من أجل مصر الأمنة المطمئنة القوية الرادعة لأعدائها وكل من تسول له نفسه التفكير في النيل من سيادتها .
إن دماء شهداء الوطن تؤكد أن الشعب والجيش والشرطة كيان واحد يتلاحم ويتماسك في ظل إيمان راسخ من الجميع بالحفاظ على كل ذرة من تراب الوطن ومقدراته وإنجازاته .