في مثل هذا اليوم، الخامس من إبريل عام ١٨٢٢، نُفي الزعيم الشعبي عمر مكرم إلى مدينة طنطا بأمر من محمد علي باشا، في واحدة من اللحظات الفاصلة في الصراع بين السلطة والطموح الشعبي.
ولد عمر مكرم في مدينة أسيوط عام ١٧٥٠، وانتقل إلى القاهرة ليتلقى علومه في الأزهر الشريف، حيث تشكّلت شخصيته الدينية والوطنية.
سطع نجمه كقائد شعبي عندما قاد حركات مقاومة ضد ظلم المماليك أولًا، ثم ضد الاحتلال الفرنسي والإنجليزي لاحقًا.
كان لعمر مكرم دور بارز في ثورة القاهرة الثانية ضد الفرنسيين عام ١٨٠٠، وبعد خروج الحملة الفرنسية عام ١٨٠١، شارك بقوة في أحداث عام ١٨٠٥ التي أطاحت بالوالي العثماني خورشيد باشا، وساهم في تنصيب محمد علي باشا واليًا على مصر، معتمدًا على دعم الجماهير والمشايخ.
غير أن صعود شعبية مكرم لاحقًا، وشجاعته في التعبير عن رأيه، وتهديده المتكرر باللجوء إلى الباب العالي لوقف استبداد محمد علي، جعله هدفًا للوشاية من بعض المشايخ، ومصدر قلق دائم لمحمد علي نفسه.
ففي عام ١٨٠٩، تم عزله من نقابة الأشراف ونفيه إلى دمياط، حيث ظل هناك نحو عشرة أعوام. ثم عاد إلى القاهرة في يناير ١٨١٩، لكن محمد علي لم يطمئن لوجوده، فقرر في مثل هذا اليوم من عام ١٨٢٢ نفيه مرة أخرى، وهذه المرة إلى طنطا، حيث لم يمكث طويلًا حتى وافته المنية في نفس العام، طاوياً صفحة نضال طويل لرجل ظل صوتًا للحق، ورمزًا للكرامة الوطنية.
رحل عمر مكرم، لكن بقيت سيرته عنوانًا للمقاومة الشعبية في وجه الاستبداد والاحتلال، وبقي اسمه محفورًا في ذاكرة الوطن كأحد أعظم من أنجبتهم مصر في نضالها الحديث.
