أكدت دار الإفتاء المصرية أنَّ الأحاديث النبوية الصحيحة أثبتت أفضلية تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها إلى ثلث الليل أو نصفه، وذلك لمن يستطيع القيام بهذا دون أن يغلبه النوم أو الكسل.
من الأحاديث التي تؤيد هذا، ما رواه الترمذي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلأخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ». كما ورد حديث مشابه عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ». وأكد الترمذي أنَّ كلا الحديثين صحيحان وحسنان.
آراء العلماء في تأخير صلاة العشاء
أوضح الإمام النووي في كتاب “المجموع” أن تأخير العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه يعدُّ فضيلة، كما ذهب إلى هذا الرأي جمهور العلماء، منهم أبو حنيفة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقد نُقل هذا الرأي عن عدد من الصحابة والتابعين، مثل ابن مسعود وابن عباس، وهو كذلك مذهب الشافعي وأبي حنيفة، اعتمادًا على الأحاديث النبوية الصحيحة. بدوره، أشار الحافظ ابن حجر في كتاب “فتح الباري” إلى أن الأفضلية في تأخير العشاء تتعلق بمن يستطيع ذلك دون أن يشق على نفسه أو غيره من المصلين. وأوضح أن النووي أكد هذا الرأي في “شرح صحيح مسلم”، وهو ما ذهب إليه كثير من علماء الحديث من الشافعية وغيرهم.
كيف يُحسب ثلث الليل أو نصفه؟
بيَّنت دار الإفتاء أن الليل يبدأ من وقت غروب الشمس وينتهي عند طلوع الفجر. ولحساب نصف الليل، تُحسب عدد الساعات بين الغروب والفجر، ثم تُقسم على اثنين، ويُضاف الناتج إلى وقت المغرب. وبالنسبة لثلث الليل، تُقسم الساعات إلى ثلاثة أثلاث، ويُضاف الثلث الأول إلى وقت المغرب لمعرفة بداية هذا الوقت.
تنبيه مهم
تشدد دار الإفتاء على أن هذه الفضيلة تخص من يعلم أنه لن يغلبه النوم أو الكسل عند تأخير الصلاة. أما من يخشى أن يؤدي التأخير إلى فوات الصلاة أو التكاسل عن أدائها، فيُستحب أن يبادر بها في أول وقتها، مراعيًا بذلك حرمة الصلاة وأهميتها.