رفاعة رافع الطهطاوي، المولود في 15 أكتوبر 1801، يعد واحدًا من أبرز رواد النهضة العلمية والثقافية في مصر. اشتهر بمساهماته الكبيرة في مجالي الترجمة والتعليم، ولعب دورًا مهمًا في تأسيس الدولة المصرية الحديثة في عهد محمد علي باشا.
نشأ الطهطاوي في طهطا بمحافظة سوهاج، وتلقى تعليمه في الأزهر الشريف، حيث درس العلوم الدينية واللغة العربية. لكنه تميز عن أقرانه بتلقيه العلم على يد الشيخ حسن العطار الذي فتح له الأبواب نحو العلوم الحديثة، وخاصة الأدب والتاريخ والجغرافيا. هذا التأثير ساهم في اختياره لاحقًا ليكون إمامًا لبعثة محمد علي التي أُرسلت إلى فرنسا عام 1826.
خلال رحلته إلى فرنسا، أصبح الطهطاوي مفتونًا بالتقدم العلمي والثقافي هناك، فتعلّم اللغة الفرنسية وأتقنها، ما مكنه من الترجمة ونقل العلوم الحديثة إلى مصر. تأثر محمد علي بهذا التحول، وألحق الطهطاوي بالبعثة الدراسية ليصبح مترجمًا للعلوم الأوروبية إلى العربية، وقد أدرك حينها أن الترجمة ستكون ركيزة أساسية في بناء مصر الحديثة.
بعد عودته إلى مصر في عام 1831، أسس رفاعة مدرسة الألسن عام 1835، والتي كانت بداية لمشروعه الكبير في ترجمة العلوم والفنون الغربية إلى اللغة العربية. ولم تقتصر جهوده على الترجمة فحسب، بل ساهم أيضًا في تطوير نظام التعليم في مصر، مشرفًا على العديد من المؤسسات التعليمية.
أثر الطهطاوي امتد إلى مؤلفاته التي قدم فيها رؤية حديثة للدولة المدنية، وكان أبرزها كتابه الشهير “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، الذي وثق فيه تجربته في باريس وشرح فيه كيفية استفادة مصر من النظم الغربية. ظل الطهطاوي طوال حياته مؤمنًا بأهمية التعليم والثقافة في نهضة الأمة، وظل يعمل على نشر الفكر التنويري حتى وفاته في عام 1873.
رفاعة الطهطاوي يمثل رمزًا للتنوير والتقدم في مصر، وجعل من الترجمة جسرًا حضاريًا بين الشرق والغرب، ليظل تأثيره حاضرًا في الأوساط الثقافية والعلمية حتى اليوم.