عندما يُذكر مصطلح “القاتل المتسلسل”، قد تتبادر إلى الأذهان أسماء مثل جاك السفاح أو بيدرو لوبيز، لكن هناك اسمًا آخر يطغى على الجميع، ليس فقط لعدد الضحايا المزعوم، بل لوحشية الأساليب التي نُسبت إليها. إنها إرزيبت باثوري، الكونتيسة المجرية التي أطلق عليها لقب “سفاحة السفاحين”، والتي يقال إنها قتلت أكثر من ستمئة فتاة في القرن السابع عشر.
بين الحقيقة والأسطورة
ولدت إرزيبت باثوري عام ١٥٦٠ لعائلة من أعرق العائلات المجرية، وكان لها نفوذ هائل في ذلك الوقت. لكن هذا النفوذ لم يشفع لها حين اتُهمت في عام ١٦١١ بارتكاب سلسلة من الجرائم المروعة ضد الفتيات الصغيرات، حيث قيل إنها احتجزتهن في زنزانة تحت قصرها، وعذبتهن بأساليب وحشية، تراوحت بين الطعن المتكرر والكي بالنار والعض حتى الموت. الأسطورة الأكثر رعبًا تزعم أنها كانت تستحم بدمائهن على أمل إطالة شبابها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت هذه الجرائم حقيقية، أم أن الكونتيسة كانت ضحية مؤامرة سياسية؟
المؤرخون اليوم منقسمون حول القصة. فبينما توجد وثائق رسمية تشير إلى شهادات خدمها الذين أُعدموا بسبب تورطهم في هذه الجرائم، يرى البعض الآخر أنها كانت مستهدفة بسبب ثرائها ونفوذها، وأن الاتهامات قد تكون ملفقة لنهب ممتلكاتها. ومهما يكن، فقد تمت معاقبتها بطريقة غير مألوفة، فلم تُعدم مثل خدمها، بل حُكم عليها بالسجن الانفرادي في غرفتها داخل القصر، حيث بقيت هناك حتى وفاتها عام ١٦١٤.
هل كانت الأكثر دموية؟
إذا صحّت التهم الموجهة إليها، فقد تكون إرزيبت باثوري أكثر القتلة المتسلسلين وحشية في التاريخ، لكن هناك آخرين لا يقلون عنها دمويّة، مثل:
- بيدرو لوبيز (وحش الأنديز): الذي قتل أكثر من ثلاثمئة فتاة في أمريكا الجنوبية.
- جاك السفاح: الذي لم يُعرف هويته حتى اليوم، لكنه ذبح بوحشية ضحاياه في شوارع لندن عام ١٨٨٨.
- لويس غراف، الكونت الأحمر: نبيل فرنسي عاش في القرن السابع عشر، ويُعتقد أنه قتل عشرات النساء بطرق وحشية.
بين الأسطورة والواقع
سواء كانت إرزيبت باثوري مجرمة حقيقية أو مجرد ضحية لمؤامرة، فإن قصتها تظل واحدة من أكثر الحكايات رعبًا في التاريخ، وأصبحت رمزًا للأساطير المتعلقة بمصاصي الدماء والدموية المطلقة. وحتى اليوم، لا تزال الكونتيسة الدموية لغزًا محيرًا، بين الحقيقة والأسطورة، بين الجريمة والسياسة، بين السفاحة والضحية.