توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.1% خلال عام 2025، على الرغم من التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية. ويأتي هذا التوقع في وقت تواجه فيه مصر ومنطقة الشرق الأوسط تغيرات جيوسياسية تؤثر على الوضع الاقتصادي، بما في ذلك الحرب في غزة، وهجمات الحوثيين على السفن العابرة في البحر الأحمر، وتأثير هذه الهجمات على حركة المرور في قناة السويس، والتي تعتبر شريانًا حيويًا للتجارة العالمية ومصدرًا هامًا لعائدات مصر.
الخلفية الاقتصادية والجيوسياسية
تواجه مصر عدة تحديات اقتصادية داخلية وخارجية مرتبطة بالتضخم العالمي وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وزيادة الديون الخارجية. لكن هناك عوامل جديدة تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد المصري نتيجة للتغيرات الجيوسياسية في المنطقة.
الحرب في غزة
اندلاع الحرب في غزة في أواخر عام 2023 واستمرارها عام 2024 أدى إلى حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، مما يرفع من تكلفة التأمين على السفن والبضائع العابرة للمنطقة. إلى جانب ذلك، قد تتأثر حركة التجارة مع آسيا والمناطق المجاورة، حيث أن التوترات قد تؤدي إلى تعطيل حركة الصادرات والواردات. قد يمتد التأثير إلى تدفقات السلع والطاقة من وإلى مصر، ما يؤدي إلى تراجع في بعض الصناعات الحيوية مثل التصنيع والتجارة الخارجية.
هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر
الهجمات المتكررة التي ينفذها الحوثيون على السفن العابرة في البحر الأحمر باتت تمثل تهديدًا مباشرًا لحركة الملاحة في قناة السويس. قناة السويس تُعتبر ممرًا استراتيجيًا رئيسيًا يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وهي أحد المصادر الأساسية لعائدات الدولة المصرية من العملات الأجنبية.
في حال استمرار هذه الهجمات، يمكن أن تؤدي إلى تراجع في حجم السفن العابرة للقناة، حيث قد تسلك السفن طرقًا بديلة أو تتأثر بحالة عدم اليقين. هذا التراجع سيؤثر بشكل مباشر على عائدات القناة، التي تُعدّ ركيزة أساسية لميزانية مصر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن ترتفع تكاليف التأمين على السفن العابرة، ما يزيد من الضغط على الاقتصاد المصري.
توقعات النمو
رغم هذه التحديات، توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4.1% في عام 2025. يُعزى هذا النمو إلى الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية في تعزيز بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
ورغم أن هذه النسبة أقل من التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى نمو يتجاوز 5%، إلا أن الصندوق يشير إلى أن الاقتصاد المصري قادر على الصمود أمام الصدمات الجيوسياسية بفضل تنوع مصادر الدخل، مثل السياحة، والتحويلات المالية من المصريين بالخارج، وتحسينات في القطاع الصناعي والزراعي.
التضخم وتباطؤه
توقع صندوق النقد الدولي أن يستمر تباطؤ التضخم في مصر خلال عام 2025، بفضل السياسات النقدية المتبعة من البنك المركزي، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة. هذا التباطؤ في التضخم سيكون مفيدًا في تحسين القوة الشرائية واستقرار الأسعار، وهو أمر مهم بالنظر إلى تأثيرات التضخم المرتفع في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، فإن الاضطرابات الجيوسياسية قد تُعقد جهود السيطرة على التضخم، خاصة إذا ما أدت التوترات إلى ارتفاع في أسعار الطاقة أو الغذاء، وهي سلع تستوردها مصر بكميات كبيرة.
التحديات الاقتصادية
إلى جانب التوترات الجيوسياسية، تواجه مصر عددًا من التحديات الاقتصادية:
1. الديون الخارجية: استمرار ارتفاع الديون الخارجية يشكل ضغطًا على ميزان المدفوعات ويزيد من صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية.
2. نقص العملة الأجنبية: قد يؤدي تراجع عائدات قناة السويس إلى تفاقم أزمة نقص العملات الأجنبية، ما يؤثر على قدرة مصر على استيراد السلع الأساسية.
3. التبعية للطاقة: تعتمد مصر بشكل كبير على استيراد الطاقة، وبالتالي فإن أي اضطرابات في حركة السفن أو ارتفاع أسعار النفط العالمي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد.
استنتاج
تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن مصر ستتمكن من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4.1% في عام 2025، لكن هذا النمو يأتي وسط تحديات جيوسياسية واقتصادية كبيرة. استمرار الحرب في غزة، والهجمات على السفن في البحر الأحمر، وتأثيرها على قناة السويس، ستزيد من الضغوط على الاقتصاد المصري.
لذلك، تحتاج مصر إلى تعزيز جهود الإصلاح الاقتصادي، وتحقيق التنوع في مصادر الدخل، لتقليل الاعتماد على القنوات المعرضة للتقلبات السياسية والأمنية، وضمان استدامة النمو الاقتصادي في مواجهة هذه التحديات.