في 15 مارس 1951، شهدت إيران حدثًا تاريخيًا غيّر مسارها الاقتصادي والسياسي، حيث أقر البرلمان الإيراني قانون تأميم صناعة النفط، مستعيدًا السيطرة على ثروات البلاد من الهيمنة الأجنبية.
قاد هذا التحول الدكتور محمد مصدق، الذي أصبح رمزًا للنضال من أجل السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي.
خلفية تاريخية
منذ أوائل القرن العشرين، كانت صناعة النفط الإيرانية تحت سيطرة شركة النفط الأنجلو-إيرانية المملوكة لبريطانيا، والتي حصلت على امتيازات واسعة لاستغلال النفط الإيراني. أدى ذلك إلى استياء شعبي متزايد بسبب استغلال الثروات الوطنية لصالح القوى الأجنبية، مع تقديم فوائد محدودة لإيران.
صعود محمد مصدق وحركة التأميم
برز محمد مصدق كقائد لحركة قومية تسعى إلى استعادة حقوق إيران في مواردها الطبيعية. في 11 يناير 1951، اقترحت الأقلية في البرلمان، برئاسة مصدق، تأميم صناعة النفط. حظي هذا الاقتراح بدعم واسع من علماء الدين، بقيادة آية الله أبو القاسم كاشاني، والجماعات الوطنية الأخرى. في البداية، قوبل الاقتراح بمعارضة من رئيس الوزراء آنذاك، حاج علي رزم آرا، الذي رفض تنفيذ قرار التأميم.
في 7 مارس 1951، تم اغتيال رزم آرا على يد خليل طهماسي، عضو جماعة فدائيي الإسلام، مما مهد الطريق أمام حركة التأميم.
في 15 مارس 1951، صادق البرلمان الإيراني على قانون تأميم صناعة النفط بأغلبية الأصوات، مما منح إيران السيطرة الكاملة على مواردها النفطية.
تداعيات التأميم
أثار قرار التأميم ردود فعل قوية من بريطانيا، التي رفضت الاعتراف به وفرضت عقوبات اقتصادية على إيران. كما أغلقت مصفاة عبادان، التي كانت من أكبر مصافي النفط في العالم آنذاك، مما أدى إلى انخفاض إنتاج النفط الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، قامت بريطانيا بتحريض شركات النفط العالمية الأخرى على مقاطعة النفط الإيراني، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على حكومة مصدق.
الانقلاب على مصدق
في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، شهدت إيران اضطرابات سياسية أدت إلى انقلاب عسكري في 19 أغسطس 1953، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، عُرف بعملية أجاكس. أُطيح بمصدق، وأعيد الشاه محمد رضا بهلوي إلى السلطة، مما أنهى تجربة التأميم لفترة من الزمن.
إرث التأميم
على الرغم من الإطاحة بمصدق، إلا أن حركة تأميم النفط الإيراني ألهمت العديد من الدول في الشرق الأوسط والعالم الثالث للسعي نحو استعادة السيطرة على مواردها الطبيعية. كما أصبحت رمزًا للنضال ضد الاستعمار والهيمنة الأجنبية، ومثلت خطوة مهمة نحو تحقيق السيادة الوطنية والعدالة الاقتصادية.
في الختام، يُعتبر تأميم النفط الإيراني في 15 مارس 1951 محطة فارقة في تاريخ إيران الحديث، حيث جسّد إرادة الشعب في استعادة حقوقه والتصدي للهيمنة الأجنبية، وأثبت أن النضال من أجل السيادة والكرامة يمكن أن يحقق تغييرًا حقيقيًا في مصير الأمم.