٨ أبريل ١٩٧٠ – مذبحة بحر البقر
في مثل هذا اليوم، الثامن من أبريل عام ألف وتسعمائة وسبعين، ارتكبت القوات الجوية الإسرائيلية واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ العدوان الصهيوني، حين قصفت مدرسة بحر البقر الابتدائية في محافظة الشرقية بمصر، في هجوم غادر راح ضحيته عشرات الأطفال الأبرياء.
كانت الساعة تقارب التاسعة والثلث صباحًا، حين حلّقت سبع طائرات من طراز “فانتوم” فوق قرية بحر البقر، وقامت بإلقاء خمس قنابل شديدة الانفجار وصاروخين على المدرسة المكوّنة من دور واحد، فحوّلتها إلى ركام في لحظات، وسالت دماء التلاميذ على حقائبهم وكراساتهم.
أسفر هذا القصف الوحشي عن استشهاد ثلاثين طفلًا، وإصابة أكثر من خمسين آخرين، أغلبهم بإصابات بالغة وتشوهات، في مشهد لم ولن يُمحى من ذاكرة مصر والعالم.
المدرسة التي كانت ترفع علم مصر وتؤدي طابورها الصباحي، لم تكن هدفًا عسكريًا ولا موقعًا استراتيجيًا، بل كانت رمزًا للعلم والحياة، ما فضح نوايا الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم، وكشف مدى استهتاره بأبسط مبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
أثارت المذبحة ردود فعل غاضبة في الداخل والخارج، وأدانت جهات دولية عديدة الجريمة، لكن إسرائيل كعادتها لم تعترف بخطئها، بل برّرت القصف بزعم أنها كانت تستهدف “موقعًا عسكريًا”.
لكن الذاكرة المصرية لم تنسَ، والجرح ما زال شاهدًا، والقرية التي فُجعت بأطفالها ما زالت تروي الحكاية. وتبقى مذبحة بحر البقر واحدة من الجرائم التي تُذكّرنا بوحشية الاحتلال، وبثمن المقاومة، وبقدسية دماء الأبرياء. مساء dmc – خاص مساء dmc .. فيديو يعرض لأول مرة لضحايا مجزرة بحر البقر عام 1970
واليوم، وبعد مرور خمسة وخمسين عامًا، لا تزال إسرائيل تمارس النهج نفسه في قتل الأطفال، وبالأدوات ذاتها من صواريخ وقنابل، وإن تغيرت الأسماء والأماكن.
فمن بحر البقر إلى غزة، لا تزال دماء الصغار تُراق بلا رحمة. فمنذ السابع من أكتوبر 2023 ثم من التاسع عشر من مارس عام ألفين وخمسة وعشرين، تشن إسرائيل عدوانًا جديدًا على قطاع غزة، هو الثاني خلال أقل من عام، تركز خلاله قصفها بشكل ممنهج على المناطق السكنية والمدارس ومراكز الإيواء.
ومرة أخرى، يسقط الأطفال شهداء تحت الأنقاض، وتغيب الضمائر، ويقف العالم متفرجًا.
لكن التاريخ لا ينسى، والأرض تحفظ الدماء، والعدالة، وإن تأخرت، لا بد أن تأتي.