من هو مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق الجديد؟
منح مجلس النواب في العراق الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، لتنتهي بذلك حالة من الجمود دامت عدة أشهر.
وقد ظل العراق لأكثر من خمسة أشهر دون حكومة جديدة في أعقاب استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، إثر أندلاع مظاهرات حاشدة طالبت بتنحي النخبة الحاكمة والقضاء على الفساد الذي أدى إلى تعثر الاقتصاد العراقي.
حصل مصطفى الكاظمي على ثقة البرلمان ليل الأربعاء الخميس بعد خمسة أشهر من الشغور الحكومي ليكون رئيسا لوزراء العراق في وقت عصيب من الأزمات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ،وفوق ذلك أزمة تفشي وباء كورونا داخليا وعالميا.
كان الرئيس العراقي “برهم صالح ” كلف الكاظمي بتشكيل الحكومة في أبريل الماضي ، لذلك، سعى الكاظمي بتأن وثبات لتأمين دعم له خارج حدود البلاد، وبالسياسة.
ويعد اختيار الكاظمي المحاولة الثالثة لتشكيل حكومة جديدة منذ بداية عام 2020، بعد اعتذار عدنان الزرفي، وقبله محمد توفيق علاوي ، إثر فشلهما في الحصول على تأييد الكتل الأساسية في البرلمان وفي خضم أشهر من الاحتجاجات.
وفي أول خطابٍ متلفزٍ له، بعد تسميته رئيساً للحكومة، قال الكاظمي إن الأسلحة يجب أن تكون في أيدي الحكومة فحسب، مشيراً إلى أن الأهداف الأساسية لحكومته تتمثل في محاربة الفساد وإعادة النازحين إلى ديارهم.
وتعهد بإجراء انتخابات مبكرة ومكافحة تفشي فيروس كورونا وتشريع قانون للموازنة العامة وصفه بـ “الاستثنائي”.
ومصطفى الكاظمي من مواليد بغداد عام 1967 ، درس الكاظمي القانون في العراق، وكان، في بداياته، صحفياً وناشطاً مناهضاً للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين من أوروبا التي لجأ إليها هرباً من النظام الدكتاتوري. وعاش سنوات في المنفى لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.
بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، عاد الكاظمي إلى العراق ليشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تزامناً مع دوره كمدير تنفيذي لـ”مؤسسة الذاكرة العراقية”، وهي منظمة تأسست لغرض توثيق جرائم نظام البعث.
في عام 2016، كانت مفاجأة أن يختار حيدر العبادي رئيس الوزراء آنذاك ، “مصطفى الكاظمي” كاتب العمود والناشط الحقوقي في ليكون في جهاز المخابرات.
تسلم الكاظمي، رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي وسط احتدام المعارك ضد تنظيم داعش .
وقد نسج خلال تواجده في هذا الموقع الإستراتيجي الذي أبعده عن الأضواء، روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
– من طهران إلى الرياض –
بالإضافة إلى دوره في مكافحة الإرهاب والتهريب على أنواعه، طور الكاظمي مواهبه كمفاوض ووسيط.
ويقول سياسي مقرب من الكاظمي لوكالة فرانس برس “للكاظمي شخصية لا تعادي أحداً، صاحب عقلية براجماتية، ولديه علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية: علاقة جيدة مع الأميركيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها مؤخراً مع الإيرانيين”.
ويعرف الكاظمي كيف يكون صديقاً لشخصين أو جهتين عدوين فيما بينهما. فمع عودته إلى التقارب مع طهران، لم ينس صداقاته القديمة.
فخلال زيارة نادرة مع العبادي في عام 2017 إلى الرياض، المنافس الإقليمي لطهران، شوهد وهو يعانق مطولاً صديقه الشخصي، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ونتيجة هذه العلاقات المنسوجة شرقاً وغرباً، أصبحت الطريق مفتوحة أمام رجل الظل هذا الذي تردّد اسمه مرارا في السابق ليكون رئيس حكومة من دون أن ينجح في الحصول على تسمية حتى التاسع من أبريل.
ويقول مستشار سياسي مقرب من الكاظمي إن اسم الأخير طرح بالفعل في العام 2018 بعد الانتخابات التشريعية التي أوصلت عادل عبد المهدي المستقيل إلى السلطة.
ويضيف المصدر نفسه لفرانس برس إن الكاظمي “لم يكن يريد القبول بالتكليف إذا لم يكن مؤكداً”.
قبل نحو شهر، وجه فصيل عراقي مقرب من إيران اتهامات للكاظمي بوجود دور له في عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس التي نفذتها واشنطن في بغداد. وكان عليه أن يعيد تلميع صورته أمام الإيرانيين.
وبفضل مهارات مدير مكتب عبد المهدي، محمد الهاشمي المعروف بأبي جهاد، تمكن الكاظمي من تشكيل “إجماع غير مسبوق بين الشيعة” حول شخصه، وفق المستشار.
- “بارز” و”ماكر” –
بعد حصوله على دعم الطبقة السياسية العراقية التي تحتكر السلطة منذ 16 عاماً، سيضطر الكاظمي إلى إعادة نسج الروابط التي تقطعت مع العراقيين الغاضبين الذين تظاهروا خلال أشهر ضد السياسيين “الفاسدين”.
وسيتعين عليه أيضاً محاولة التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد، مع انهيار أسعار النفط عالمياً، إضافة إلى مسألة الإعفاءات الأميركية للعراق من العقوبات على إيران.
ويقول مدير الدراسات في معهد الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد توبي دودج “إنه مفاوض بارز ولاعب ماكر”.
لكنه يضيف “العراق اليوم في وقت مستقطع، وقد ازدادت المخاطر كثيرا”.
إن رئيس جهاز المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي الذي حصل على ثقة البرلمان ليل الأربعاء الخميس ليكون رئيسا لوزراء العراق بعد خمسة أشهر من الشغور الحكومي، مفاوض ماهر يتعين عليه تسخير شبكة علاقاته الواسعة في واشنطن، كما في طهران، لإنقاذ العراق من كارثة اقتصادية وسياسية.
برنامج حكومة الكاظمي:
وجاء منهاج الحكومة الذي تقدم به الكاظمي إلى البرلمان مكثفا في 6 صفحات، وضع فيه إجراء انتخابات مبكرة كأول مهام وزارته مشترطا التطبيق الكامل لقانون الأحزاب قبلها.
وجعل وضع أسس “نظام صحي صحي حديث” لمواجهة مخاطر تفشي وباء كورونا في المرتبة الثانية،
وجاء حصر السلاح بيد الدولة، الذي يطالب به الكثيرون في ظل تصاعد نفوذ الميلشيات المسلحة في الحياة السياسية العراقية، في المرتبة الثالثة من سلسلة مهام الحكومة الجديدة.
وشدد الكاظمي على ضرورة تشريع قانون موازنة مالية عامة وصفه بـ “الاستثنائي”، لمواجهة “الأزمة الاقتصادية الحالية وتداعيات إنهيار أسعار النفط”.
وفي ظل الانهيار الحالي في أسعار النفط يواجه الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد بنسبة نحو 90 في المئة على واردات النفط، مخاطر كبرى.
كما تعهد الكاظمي بمكافحة الفساد، الأمر الذي يمثل أحد المطالب الأساسية للمتظاهرين في العراق، لكنه لم يوضح الآليات التي سيتبعها في ذلك، واكتفى بتعهد عام بتعزيز مؤسسات الدولة من أجل القضاء على الفساد وضمان استعادة الأموال المهربة إلى الخارج.