
أعطى رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد الأوامر لجيشه بتنفيذ ما أسماه «هجومًا عسكريًا نهائيًا» بعد إنتهاء المهلة التي حددها لقادة إقليم تيجراي الواقع شمال البلاد وذلك في تأزم للصراع السياسي والعسكري الذي دام لمدة 3 أسابيع متواصلة منذ 4شهر نوفمبر الجاري.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن هذا القرار يأتي «لا مباليًا» بالمدنيين الذين يعانون من ويلات الصراع رغم تحذيرات عدد من القوى الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التي أكدت أن هذا الهجوم سينتج عنه خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وزيادة موجات اللاجئين في صراع يهدد بزعزعة استقرار إثيوبيا، ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها.
وتأتي قرارات آبي – الذي حصل على نوبل للسلام عام 2019- صادمة للمجتمع الدولي، والذي وجه له بيان شديد اللهجة الأسبوع الماضي ، لكن آبي رد على البيان مطالبا قادته بـ«عدم التدخل في الشأن الأثيوبي الداخلي».
وتقول «نيويورك تايمز» إن الأزمة بين الحكومة الأثيوبية و إقليم تيجراي اشتدت منذ عام 2018 ، وتحديدًا عندما وصل آبي إلى السلطة وتضاءل نفوذ إقليم تيجراي وقادته السياسي والاقتصادي الذي دام عقودًا
وعلى الرغم من أن تيجراي لا تشكل سوى 6 % من سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 110 ملايين نسمة ، فقد ظلوا في مركز السلطة والمال منذ إسقاطهم لنظام الديكتاتور مانجستو هيلا مريم عام 1991.
وقبل الهجوم على العاصمة الإقليمية ميكيلي، التي يقطنها 500 ألف شخص، إدعى آبي أحمد أن الآلاف من أفراد القوات الخاصة والميليشيات في تيجراي قد استسلموا، وحث سكان المدينة على نزع السلاح و البقاء في منازلهم والمساعدة في اعتقال قادة المتمردين في المنطقة.
كما قال آبي إن الجيش سيتخذ إجراءات لحماية المدنيين وضمان عدم استهداف المواقع التراثية ودور العبادة والمرافق العامة ومؤسسات التطوير والمناطق السكنية أثناء الهجوم.
وتعتبر أديس أبابا أن العملية العسكرية التي أطلقتها السلطات الفدرالية الإثيوبية في الرابع من نوفمبر ضد “جبهة تحرير شعب تيجراي” التي تتولى السلطة في إقليم تيجراي، دخلت مرحلة حاسمة.
وتؤكد السلطة الفدرالية أنها بعدما حققت تقدماً في عدة محاور، أصبحت قادرة على بدء معركة الاستيلاء على ميكيلي عاصمة المنطقة، بهدف طرد قادة “جبهة تحرير شعب تيجراي” واستبدالهم بإدارة جديدة.
وأمهل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مساء الأحد قادة إقليم تيجراي 72 ساعة لإلقاء السلاح قائلا إن تلك “الفرصة الأخيرة” أمامهم. وردّ رئيس تيجراي وزعيم “جبهة تحرير شعب تيجراي” ديبريتسيون جبريمايكل على هذه المهلة بالقول “إننا شعب له مبادئه ومستعد للموت”.ويثير احتمال شنّ هجوم على ميكيلي التي تعدّ 500 ألف نسمة بالإضافة إلى عدد غير محدّد من النازحين لجأوا إليها منذ اندلاع النزاع، قلق المجتمع الدولي والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان.
فهذه الهجمة العسكرية أثارت قلق منظمات حقوقية محلية ودولية، أكدت إن التصعيد سيعرض حياة العديد من المدنيين للخطر.
وقال مدير برنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية ديبروز موشينا في بيان “في وقت تبدأ القوات الفيدرالية الإثيوبية استعداداتها لتطويق ميكيلي، تذكّر منظمة العفو الدولية كل الأطراف بأن مهاجمة مدنيين بشكل متعمّد هو أمر محظور بموجب القانون الإنساني الدولي ويشكل جريمة حرب”.
وأضاف أن “اعتداءات غير متناسبة ومن دون تمييز هي أيضاً ممنوعة” بموجب القانون الدولي.
وتدعو المنظمة الطرفين المتحاربين إلى عدم استهداف منشآت عامة على غرار المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية وإلى “ضمان أنهما لا يستخدمان المدنيين دروعا بشرية”.
وأعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشال باشليه عن قلقها الثلاثاء من “الخطاب العدواني للغاية” من كلا الجانبين، معبرة عن خشيتها من أن “يؤدي إلى مزيد من الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي”.
ودعا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الطرفين إلى السماح للمدنيين الساعين للحصول على مساعدات إنسانية بعبور الحدود الدولية والوطنية.