كتب: عبد الرحمن عثمان
في ظل الإجراءات الحازمة التي اتخذتها معظم دول العالم مع تفشي “وباء كورونا” في الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها … شرق وغربا … شمالا وجنوبا، وأهمها فرض حظر التجول في بعض البلدان والمدن وفرض الحجر الصحي على بلدان أخرى، وما استتبعه من حبس الملايين في منازلهم، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر و واتسآب من أهم مصادر الأخبار حول كوفيد-19.
، انتشرت الإشاعات في مختلف الأماكن حول استعداد حكومة ولاية ما وأ محافظة أو أقليم أو حتى دولة لفرض حظر تجول قاس يمنع تحرك السكان خارج منازلهم إلا للضرورة القصوى ، وبدأ الكثيرون ينقلون مقاطع فيديو وصور عن متاجر فارغة من البضاعة وحشود تقتحم المحال والمراكز التجارية لشراء كل ما بها من مأكولات في بلدان سبقت بلادهم في تنفيذ الحظر. وبالطبع . سارع العامة بدافع الذعر إلى شراء كميات كبيرة من الورق الصحي ومنتجات التنظيف والمأكولات مثل الأرز والسكر والخضروات والفاكهة من المراكز التجارية والأسواق بكافة تخصصاتها وغير ذلك في جميع أنحاء الدول. بعد إلغاء أو تأجيل أحداث عامة مثل إيقاف كافة الأنشطة الرياضية وتعليق الدراسة في المدارس والجامعات ووقف الصلاة في مختلف دور العبادة.
وكان الرد الحكومي في كل البلدان على الإشاعات بأنه “يجب على الجميع أن يحصلوا على الأخبار من مصادر موثوقة، لا من صديق صديق صديق صديقهم”، أو من رسالة واتس مجهولة المنشأ.
كانت صفحات وتدوينات هواة ومحترفي التشكيك وفرض نظريات المؤامرة ومحترفي خلق البلبلة وخلق الأزمات للحكومات ، كالمعتاد، هي المصدر الرئيسي لهذه الإشاعات . وبالطبع، غزاها تأخر وتلكأ حكومي في الخروج بالمعلومات الدقيقة . وإن كانت معظم الحكومات معذورة لقلة المعلومات المتوافرة عن كينونة الفيروس ومدى خطورته.
في خضم إجراءات العزل والإغلاق التي تتزايد في محاولة للحد من انتشار الفيروس القاتل، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أكثر أهمية مما كانت عليه قبل أزمة “وباء كورونا”. ومع بدء تطبيق الحجر الصحي الجزئي، أخذت خدمات فيسبوك وتويتر وغيرها مكانةً جديدة كأساس لحياتنا اليومية، حيث تلعب دور صلة وصل بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل، إضافة إلى الترفيه الضروري للغاية. ومع تزايد انعزالنا الجسدي ، يجب أن تتحمل منصات التواصل الاجتماعي والويب أيضاً عبء حاجة العالم إلى المعلومات، خصوصاً مع سعي المزيد إلى الحصول على المعلومات الفورية والمحلية.
ولكن منظمة الصحة العالمية تشعر بالقلق من أن مواجهتها لجائحة كوفيد-19 يجب أن تترافق أيضاً مع مواجهة وباء المعلومات، الذي تُعرّفه بأنه “وفرة فائضة في المعلومات، سواء الدقيقة أو غير الدقيقة، بشكل يزيد من صعوبة العثور على مصادر موثوقة وتوجيهات يمكن الاعتماد عليها عند الحاجة”.
ونبه الخبراء الناس بأن الإذاعة والتلفزيون والصحف والمواقع الإخبارية التابعة لها هي أكثر مصادر المعلومات دقة، وحذّروا من الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي.
من دون إستراتيجيات دقيقة تمنع انتشار المعلومات الخاطئة، يمكن أن تقع الكثير من المشاكل. وما زالت منصات التواصل الاجتماعي تمثل نقطة ضعف اجتماعية تكنولوجية خطيرة في أوقات الارتباك والأزمات؛ فعندما تصبح المعلومات نادرة، تصبح الفرصة سانحة أمام الجهات الإعلامية الخبيثة للترويج للفوضى والخوف.
قواعد جديدة لأدوات قديمة
نحن نواجه مفارقة. إن نفس البنية التحتية التكنولوجية التي ينتشر فيها وباء المعلومات أنشأتها الشركات التي تستفيد من نشر المعلومات بشكل متواصل. وهي نفس أدوات التواصل التي يجب أن نستخدمها لمواجهة وباء المعلومات أيضاً. وفي حين تتكيف المنصات مع هذه الأوضاع، فإن جميع قرارات التصميم تتأثر بالمسائل السياسية أيضاً.
ولا يقتصر استخدام سكان العالم لمنصات التواصل الاجتماعي على البحث عن المعلومات حول كوفيد-19، بل إنهم أيضاً، يبحثون عن مايشغلهم من قرارات وإجراءات تختص بحياتهم اليومية العادية وأعمالهم التي تأثرت بالوباء . .
ليس من السهل تقييم تأثير المعلومات الزائفة، وما أن يتم تسييسها، قد يُساء تقديرها أيضاً، سواء زيادة أو نقصاناً.
ولكن كما تعلمت شركات التواصل الاجتماعي، فإن الوقوف على الحياد عند إساءة استخدام منصاتها قد يؤدي إلىعواقب . ولكن الانعزال الاجتماعي سيؤدي -وبالتأكيد- إلى زيادة صعوبة مكافحة وباء المعلومات، خصوصاً مع تراجع إمكانية التواصل المباشر مع المقربين والجيران.
كيف يمكن للمنصات أن ترقى إلى مستوى التحدي؟
يجب أن تقوم شركات التواصل الاجتماعي بتصنيف وترتيب المعلومات ومنح الأولوية للمعلومات الموثوقة، وهو أمر أصبح ضرورياً الآن أكثر من أي وقت مضى. وهو نفس التوجه الذي اتخذته “فيسبوك وتويتر نحو الدعايات السياسية المتصلة بالانتخابات الرئاسية والدعاية المصاحبة لها في الولايات المتحدة وغيرها من دول أوروبا هذا العام.
ولكن المعلومات الزائفة ليست فقط مشكلة محتوى، بل مشكلة نقل. في الأوضاع المتأزمة، يستطيع المسؤولون الحكوميون تفعيل أنظمة الإنذار المخصصة للطوارئ من أجل الوصول إلى العامة، وذلك عبر الهواتف النقالة والتلفزيون والراديو. ولكن لا توجد حالياً بروتوكولات طوارئ مماثلة لمنصات التواصل الاجتماعي.
وفي مصر، حاولت الحكومة إيجاد وسائل للرد على الإشاعات المنتشرة عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، من خلال بروتوكول تعاون مع شركة فيسبوك، وكذلك يقوم “مركز معلومات دعم واتخاذ القرار ” التابع لمجلس الوزراء بإصدار نشرة دورية شبه يومية
للرد على الشائعات وتوضيح الحقائق .
فنحن في مصر نواجه حملة شعواء من عدة فئات داخلية وخارجية لزرعالفتن بين الشعب والحكومة ، وهي حملة غير أخلاقية أو دينية لا تهتم بصحة وسلامة الشعب ، بل كل همهخلق المشاكل للحكومة ولو على جثث الموتى من الفقراءأو غير الأصحاء. فما . الذي يفيد ،مثلا، من يدير حملة عبر وسائل التواصل لتكذيب نصيحة منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في العالم باستخدام الكلور في عملية تطهير المنازل والأسطح، بل وتخويفهم من هذه المادة بدعوى ان أطباء “غير معروفون” قد أثبتوا ذلك . رغم أن منظمة الصحة العالمية هي المنوطة بهاذ الأمر. ربما تكون هذه دعاية مضادة من شركات إنتاج الديتول ،مثلا، بوصفها الأكثر تضررا، وربما يكون وراء ذلك شياطين يريدون الموت لأبناء الشعوب العربية. وكل يوم تنطلق إشاعة بإرقام مبالغ فيها حول ضحايا “الفيروس” وعن رفض مشافي دولة ما قبول علاج المرضى أو عن فرض حجر صحي في قرية ما أو إمارة. وهي إشااعات تلقي بعبء شديد على الهيئات والوكالات الحكومية لمتابعة ما ينشر والرد عليه بعد التحقق من جدية الإشاعة من عدمه. وهذا يشتت جهود الحكومات ومواردها التي من المفترض أن تكرس لمكافحة “وباء كورونا” بدلا من” وباء المعلومات”الكاذبة والمزيفة.
في خضم المعركة التي تخوضها منظمة الصحة العالمية مع وباء المعلومات حول فيروس كورونا، ما الضمانات التي يحتاجها العامة للتأكد من منح الأولوية للمعلومات الهامة؟
يجب أن تتضمن أنظمة الإنذار هذه شركات منصات التواصل الاجتماعي، بحيث يصبح نقل المعلومات الهامة ممكناً. هناك أساليب مختلفة لتحقيق هذا، ولكن إعادة استخدام البنى التحتية المخصصة للإعلانات لضمان حصول المستخدمين على معلومات محلية وفورية وموثوقة هي إحدى هذه الوسائل لمواجهة هذا التحدي. وتمتلك شركات التواصل نظرة فريدة إلى السلوك المحلي، حيث يمكن أن تساعد على كشف حاجات المجتمعات المحلية، وتحقيق التوافق ما بين الأشخاص المحتاجين للغذاء والدواء والموارد المحلية.
ومن المهم أن ندرك عدم وجود نظام تواصل مثالي، مما يعني أننا يجب أن نستخدم جميع هذه الأنظمة لإرسال نفس الرسائل إلى العامة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمنع الإشاعات من ملء فراغات الأسئلة التي لم يجدوا إجابات عنها.
إننا كعرب مسلمين أو نعيش تحت دولة لها ثقافتها الشرقية المؤمنة بالله تعالى يجب أن نتخذ من الآية الكريمة الواردة في سورة الحجرات:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)