أكد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، الإثنين، أن بلاده “مستعدة لتقديم ما لديها من تسهيلات، لإيصال الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا”، وذلك في إطار مواجهة أزمة الطاقة التي يمر بها العالم، وخاصة أوروبا، على خلفية الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز على هامش حوار بوطرسبرغ للمناخ في برلين.
وقال السيسي: “بحثنا سبل تعزيز تعاوننا في مجال الطاقة على المستوى الثنائي مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي، حيث أكدت على استعداد مصر التام لوضع أسس للشراكة مع ألمانيا في مجال الطاقة بكل أنواعها”.
وأشار إلى أن ذلك “سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة بإطار رؤية مصرالطموحة، للتحول لمركز متميز في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، خاصة من الهيدروحين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقة الرياح”.
واستطرد: “في إطار أن أزمة الطاقة أزمة عالمية، ولا تتعلق فقط بتوفر إمدادات الطاقة ولكن أيضا بتكلفة هذه الإمدادات التي تؤثر بشكل مباشر على الأسعار في دول العالم، ومن بينها مصر، فقد أكدت للمستشار الألماني أن المطلوب هو التنسيق والتعاون فيما يخص هذا الملف بين دول العالم”.
وأشار الرئيس المصري إلى الاتفاقية التي وُقعت بين مصر والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، مؤكدا أن: “مصر على استعداد لتقديم ما لديها من تسهيلات من غاز شرق المتوسط، ليصل إلى أوروبا، للتخفيف من آثار هذه الأزمة”.
وتابع: “مصر كانت متيقظة جدا، وأنشأت منتدى شرق المتوسطالذي يهدف إلى أن يعظم ويركز على مصادر الطاقة في شرق المتوسط، وأن تتم الاستفادة من التسهيلات والإمكانيات الموجودة في مصر، حتى يصل الغاز لمستهلكيه”.
وشدد الرئيس المصري على أن “التحديات الموجودة في مجال الطاقة، تتطلب أن تتعاون دول العالم حتى يتم التخفيف من آثارها”، لافتا إلى أنه أكد للمستشار الألماني على أن “وزراء مصر على استعداد للتباحث في هذا الأمر مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي”.
وفيما يتعلق بتأثيرات الحرب في أوكرانيا أيضا، أكد الرئيس المصري أنه تطرق مع شولتز إلى “الوضع الاقتصادي الدولي الصعب الناشئ عن الأزمة بأوكرانيا، خاصة على صعيد أمن الغذاء والطاقة في العالم، والتأثيرات السلبية غير المسبوقة التي شهدتها أسواقهما بسبب الأزمة”.
وقال: “اتفقنا على أن الوضع الحالي يفرض على كافة الفاعلين الدوليين التحلي بالمسؤولية، لإيجاد حلول وآليات عملية، تخفف من تداعيات الأزمة على الدول الأكثر تضررا”.
تعاون وشراكة ثنائية
وأشاد السيسي بعلاقات التعاون بين مصر وألمانيا، قائلا: “كانت المباحثات بناءة ومثمرة لتعزيز علاقاتنا على الصعيد الثنائي، والتشاور والتنسيق الوثيق حول كيفية معالجة التحديات الجسيمة التي يشهدها عالمنا اليوم”.
ونوه كذلك إلى أن “السنوات الماضية شهدت نقلة نوعية حقيقية في الشراكة الثنائية بين البلدين على كل الأصعدة، ومصر ملتزمة بالمضي قدما بكل قوة، على طريق تعزيز الشراكة التقليدية بين بلدينا وشعبينا”.
وأضاف: “أعربت للمستشار عن تقدير مصر للتعاون الاقتصادي والتنموي القائم مع ألمانيا، والذي يشهد منذ سنوات مشاركة ألمانية نشيطة بجهود التنمية المصرية، وانخراطا قويا للشركات الألمانية العملاقة بتنفيذ مشروعات كبرى تساهم في تغيير وجه الحياة على أرض مصر، من خلال إقامة بنية تحتية ضخمة وحديثة بالعديد من القطاعات الحيوية”.
واستطرد: “تشهد الساحة الدولية اليوم تحديات متعددة، في ظرف دولي دقيق وحرج ويتطلب منا جميعا إبقاء قنوات التشاور مفتوحة، فضلا عن تبادل الأفكار للتوصل إلى حلول لمعالجة هذه التحديات، وفي هذا الإطار تبادلنا اليوم وجهات النظر بشأن عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك”.
وأشار السيسي خلال المؤتمر الصحفي، إلى أنه أطلع المستشار الألماني على استعدادات مصر الجارية لاستضافة القمة العالمية للمناخ بشرم الشيخ في نوفمبر المقبل.
قضايا المنطقة وسد النهضة
كما تناولت المباحثات المصرية الألمانية، عددا من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، “التي تمس مباشرة الاستقرار والأمن على امتداد المنطقة”، حسب ما أوضح الرئيس المصري.
وتابع: “أكدت للمستشار أن مصر، انطلاقا من دورها ومسؤوليتها التاريخية في محيطها الإقليمي، عازمة على الاستمرار في بذل جهودها السابقة، بالتنسيق مع الأشقاء والشركاء لتسوية الأزمات ومعالجة مسببات التوتر في المنطقة”.
وأكمل: “اتفقنا على أن يظل التنسيق بيننا إزاء قضايا المنطقة مستمر، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في ليبيا وسوريا واليمن، وسبل مواجهة التطرف والإرهاب، والهجر غير الشرعية”.
كما أكد على أنه أطلع شولتس على “آخر تطورات قضية سد النهضة“، مشددا على “استمرار مصر في سعيها لإيجاد حل عادل يراعي متطلبات أمنها المائي الذي لا تفريط فيه، من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة”.
حقوق الإنسان
وفيما يتعلق بملف حقوق الإنسان في مصر، أكد السيسي أنه “اعتزازا من مصر بشراكتها مع ألمانيا والحوار الشفاف حول كافة اهتماماتنا، فقد حرص خلال اللقاء على إطلاع شولتس على التطورات المهمة في ملف حقوق الإنسان، في إطار المقاربة الشاملة التي تتبناها الدولة المصرية في هذا الصدد”.
وأوضح: “انطلاقا من حق الإنسان في الحياة الكريمة والتنمية، وفي مجتمع يتمتع بالحقوق والحريات السياسية التي كفلها الدستور المصري، والتي تلتزم الدولة بصونها وحمايتها، فقد كان على رأس هذه الخطوات إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي تتضمن خطوات تنفيذية وآليات للتقييم والمتابعة، بمشاركة المجتمع المدني، فضلا عن إطلاق الحوار الوطني وإنهاء حالة الطوارئ في مصر”.
شولتس: دور محوري لمصر
من جانبه، أكد المستشار الألماني أن المحادثات مع نظيره المصري، “تناولت قضايا مهمة، من بينها الحرب في أوكرانيا والتحديات التي تواجهنا في هذا السياق، وتلك الدول البعيدة عن نقطة النزاع وتضررت بما يحدث في أوكرانيا”.
وتابع: “روسيا شنت حربا على أوكرانيا وكبدت المجتمع الدولي الكثير من الخسائر، لذا يجب أن نتخذ قرارا جماعيا”.
وأكد شولتس على أن مصر “لها دور مهم ومحوري في عدد من القضايا، مثل التهدئة في غزة، كما تلعب دورا في استقرار ليبيا والسعي نحو تشجيع الأطراف على إقامة انتخابات حرة ونزيهة”.
وأشار كذلك إلى التعاون بين البلدين، لافتا إلى أن “العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا تشهد قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل، وهو ما سيستمر”.
وأضاف: “هناك مدارس ألمانية في مصر، وطلبة مصريون في ألمانيا، إلى جانب شركات ألمانية تعمل في مصر، وهذا يدل على الثقة التي يضعها الاقتصاد الألماني في مصر”.
وفيما يتعلق بقضية المناخ، قال: “أريد بدء حوار مجتمع عالمي حول المناخ، حتى نحسن الأوضاع ونكثف جهودنا لتحقيق أهدافنا، عبر التعاون المشترك بين مصر وألمانيا، وأن يكون قائما على التفاهم، وتطوير العديد من المشروعات والمزيد من المبادرات الإضافية، مما سيكون له أثر إيجابي على العلاقات بين بلدينا”.
واختتم المستشار الألماني حديثه، بالقول: “دولة كبرى مثل ألمانيا تولي الطاقة أهمية كبيرة، كالطاقة المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر الذي نحتاجه، ونريد تسخير كل الإمكانات لإفادة عدد من الدولة والتعاون معها في هذا المجال، ولنحسن الاقتصاد الثنائي بين بلدينا”.