في تطور خطير للصراع الإقليمي، أعلنت إسرائيل اليوم، الثامن من ديسمبر عام ألفين وأربعة وعشرين، سيطرتها الكاملة على جبل الشيخ، المعروف أيضًا بجبل حرمون.
يأتي هذا التحرك في ظل حالة الانهيار السياسي والعسكري التي تعصف بسوريا منذ هروب بشار الأسد، حيث استغلت إسرائيل الفراغ السياسي والأمني والتشتت الداخلي لتوسيع نفوذها في المنطقة.
الأهمية الاستراتيجية لجبل الشيخ
يقع جبل الشيخ على الحدود بين سوريا ولبنان، ويمتد إلى مناطق تطل على الجولان المحتل وسهل الحولة. يتميز الجبل بارتفاعه البالغ ألفين وثمانمئة وأربعة عشر مترًا، مما يمنحه ميزة إشراف واسعة تشمل دمشق، التي تبعد نحو خمسين كيلومترًا، وأجزاء من لبنان وفلسطين المحتلة.
إلى جانب موقعه العسكري، يُعد جبل الشيخ مصدرًا رئيسيًا للمياه في المنطقة. تغذي أمطاره نهر الأردن الذي يمثل شريانًا حيويًا لإسرائيل، حيث يغطي ثلث احتياجاتها المائية. كما يتيح الجبل لإسرائيل نشر أنظمة إنذار مبكر لمراقبة التحركات العسكرية والجوية في عمق الأراضي السورية واللبنانية.
الخلفية التاريخية
احتلت إسرائيل أجزاء من جبل الشيخ خلال حرب عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين، في إطار توسعها في الجولان السوري. وفي حرب أكتوبر عام ألف وتسعمئة وثلاثة وسبعين، تمكنت القوات السورية من استعادة مرصد جبل الشيخ لفترة وجيزة، مما أبرز أهمية الجبل كعنصر حاسم في النزاعات العسكرية. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ظل حاضرًا في أجزاء واسعة من الجبل، مع تعزيز متزايد للبنية العسكرية فيه.
تداعيات الاحتلال الجديد
احتلال إسرائيل لجبل الشيخ اليوم يُعد تصعيدًا خطيرًا يحمل تداعيات عميقة على الأمن الإقليمي.
• ميدانيًا: يوفر الجبل لإسرائيل موقعًا استراتيجيًا لمراقبة النشاطات العسكرية والمدنية في سوريا ولبنان.
• اقتصاديًا: يتيح لها السيطرة على مصادر المياه الحيوية في المنطقة، مما يزيد من هيمنتها على الموارد الطبيعية.
• سياسيًا: يعكس الاحتلال استغلالًا واضحًا للفراغ الأمني في سوريا، مما يضعف من قدرة دمشق على استعادة سيادتها.
غياب الرد الإقليمي والدولي
يأتي هذا التحرك الإسرائيلي في وقت تعاني فيه سوريا من انقسامات داخلية عميقة وتراجع نفوذها الإقليمي. كما أن الأطراف الدولية الفاعلة، مثل إيران وروسيا، تبدو منشغلة بصراعاتها الخاصة، مما يترك إسرائيل دون معارضة تُذكر لتحركاتها.
خلاصة
يُمثل احتلال جبل الشيخ تصعيدًا جديدًا يُعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. هذا التحرك يُظهر قدرة إسرائيل على استغلال الأزمات الإقليمية لتعزيز مكاسبها الاستراتيجية، بينما يضعف الرد العربي والدولي على مثل هذه الخطوات. استمرار الوضع الحالي دون مواجهة قد يعمّق الخلل الإقليمي ويُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التوترات والصراعات.