شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا تحولات جذرية مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. تميزت هذه المرحلة بتوترات متصاعدة وتحديات غير مسبوقة، أثرت بشكل مباشر على التحالفات التقليدية والسياسات المشتركة بين الجانبين.
خطاب نائب الرئيس في ميونخ: مؤشر على التوترات المتصاعدة
في فبراير 2025، ألقى نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، خطابًا مثيرًا للجدل خلال مؤتمر ميونخ للأمن. بدلاً من التركيز على القضايا الأمنية المشتركة، وجّه فانس انتقادات حادة للسياسات الأوروبية، متهمًا الحكومات الأوروبية بتقويض حرية التعبير ومقارنة زعماء الاتحاد الأوروبي بـ”طغاة الحرب الباردة” . أثارت هذه التصريحات استياءً واسعًا بين القادة الأوروبيين، حيث وصفها وزير الدفاع الألماني بأنها “غير مقبولة”.
السياسات الأمريكية تجاه أوكرانيا: إعادة تشكيل للأولويات
مع تجدد النزاع في أوكرانيا، أبدت إدارة ترامب الثانية توجهًا نحو تقليص الدعم العسكري لكييف، معتبرة أن الصراع في أوكرانيا “مشكلة أوروبية” بالأساس. هذا الموقف أثار مخاوف الدول الأوروبية، خاصة تلك الواقعة على الحدود الشرقية، من احتمال تركها تواجه التهديدات الروسية بمفردها .
التحديات الاقتصادية: تصاعد النزعة الحمائية
اقتصاديًا، تبنّت إدارة ترامب سياسات حمائية صارمة، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية عالية على الواردات الأوروبية، خاصة في قطاع السيارات الألمانية . هذا التوجه أدى إلى تصاعد التوترات التجارية بين الجانبين، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن استراتيجيات جديدة لحماية مصالحه الاقتصادية.
الاستجابة الأوروبية: نحو استقلالية استراتيجية
في مواجهة هذه التحديات، بدأت الدول الأوروبية في تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية وتقليل اعتمادها على المظلة الأمنية الأمريكية. تجلى ذلك في زيادة ميزانيات الدفاع، وتعزيز التعاون العسكري بين الدول الأعضاء، والتفكير في إنشاء قوة دفاع أوروبية مستقلة .
خلاصة
تواجه العلاقات الأوروبية-الأمريكية في ظل إدارة ترامب الثانية مرحلة معقدة تتسم بتباينات في الرؤى والمصالح. يتطلب هذا الواقع من الجانبين إعادة تقييم شراكتهما الاستراتيجية والعمل على إيجاد أرضية مشتركة تضمن تحقيق الاستقرار والأمن على ضفتي الأطلسي.