في مثل هذا اليوم، الثاني عشر من فبراير عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين، توفي الشيخ محمود شلتوت، أحد أبرز شيوخ الأزهر وأكثرهم تأثيرًا في مسيرة تطوير التعليم الديني ودعم الوحدة الإسلامية.
وُلد الشيخ محمود شلتوت في قرية منية بني منصور بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة عام ألف وثمانمائة وثلاثة وتسعين. حفظ القرآن الكريم صغيرًا، والتحق بمعهد الإسكندرية ثم الكليات الأزهرية، حتى حصل على شهادة العالمية من الأزهر عام ألف وتسعمائة وثمانية عشر. شارك في ثورة ألف وتسعمائة وتسعة عشر بقلمه ولسانه، مما عرّضه للفصل من الأزهر، فعمل بالمحاماة قبل أن يعود إليه عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين، ليبدأ مسيرته العلمية من جديد.
شغل الشيخ شلتوت عدة مناصب علمية مهمة، منها وكيل كلية الشريعة، وعضو جماعة كبار العلماء، وعضوًا في مجمع اللغة العربية منذ عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين. كما شارك في مؤتمر لاهاي للقانون الدولي المقارن عام ألف وتسعمائة وسبعة وثلاثين، حيث ألقى بحثًا عن المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية، نال إعجاب أعضاء المؤتمر وأثبت صلاحية الشريعة الإسلامية للتطور وكونها مصدرًا أصيلًا للتشريع الحديث.
في عام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين، عُين شيخًا للأزهر، ليكون أول من يحمل لقب الإمام الأكبر. وفي فترة مشيخته، صدر قانون إصلاح الأزهر عام ألف وتسعمائة وواحد وستين، الذي أدخل العلوم الحديثة إلى مناهج الأزهر، وأسّس كليات جديدة، كما أنشأ مجمع توحيد المذاهب الإسلامية، تأكيدًا لدعوته المستمرة للتقريب بين المذاهب ونبذ التعصب الطائفي.
زار الشيخ شلتوت العديد من دول العالم الإسلامي لتعزيز العلاقات الدينية والثقافية، وكان يحظى بتقدير قادة العالم، من بينهم الرئيس الجزائري أحمد بن بلة، والرئيس العراقي عبدالسلام عارف، ورئيس الكاميرون، كما تلقى رسائل تقدير من الرئيس الفلبيني. منحته أربع دول الدكتوراه الفخرية، إضافة إلى زمالة فخرية من أكاديمية تشيلي.
ترك الشيخ محمود شلتوت إرثًا علميًا كبيرًا، من أبرز مؤلفاته: الإسلام عقيدة وشريعة، فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، والقرآن والقتال. وقد تُرجمت مؤلفاته إلى العديد من اللغات.
ظل الشيخ شلتوت حتى وفاته صوتًا للفكر الوسطي المستنير، وسعى لجعل الأزهر منارة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، إلى أن وافته المنية في الثاني عشر من فبراير عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين، تاركًا أثرًا خالدًا في الفكر الإسلامي والتعليم الديني.