قرّرت السعودية رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة وإيقاف بدل غلاء المعيشة وذلك في إطار تدابير تقشفية جديدة فرضتها إجراءات الحد من انتشار تفشّي فيروس كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط.
والخطوات الجديدة التي أشارت وسائل إعلام رسمية الى انها ستوفر حوالى مئة مليار ريال (26,6 مليار دولار) لخزينة الدولة، تأتي فيما تكثّف الحكومة خططها الطارئة لخفض الإنفاق واعتماد استراتيجية تقوم على التقشف.
وقد تثير القرارات الاخيرة استياء في المملكة الغنية التي تشهد ارتفاعا في كلفة المعيشة، وتدفع نحو تعليق مشاريع حكومية ضخمة بمليارات الدولارات بينها شراء نادي كرة القدم الانجليزي نيوكاسل يونايتد.
وقال وزير المالية محمد الجدعان حسبما نقلته عنه وكالة الأنباء الرسمية إنه “تقرَّر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر يونيو 2020، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءاً من الأول من شهر يوليو”.
وشدّد الجدعان على أن الاجراءات ضرورية لتعزيز المالية العامة في مواجهة “انخفاض حاد في الإيرادات النفطية” مع تراجع الطلب العالمي بشكل غير مسبوق بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.
كما أعلن أنّ المملكة قرّرت “إلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية”.
وستخفّض الرياض كذلك اعتمادات “عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي 2020″، في إشارة إلى رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2016 والهادفة لتنويع الاقتصاد ووقف اعتماده على النفط.
وكان الجدعان قال في وقت سابق من الشهر الجاري إن “استدامة المالية العامة تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة” لمواجهة التراجع الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
وأغلقت السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم وصاحبة الاقتصاد العربي الأضخم، دور السينما والمطاعم وأوقفت رحلاتها الجوية وتأدية مناسك العمرة على مدار العام في محاولة لاحتواء الفيروس القاتل.
وكانت المملكة إلى جانب دول خليجية أخرى فرضت ضريبة بنسبة 5 في المئة على السلع والخدمات في عام 2018 في محاولة لتحقيق إيرادات إضافية.
لكنّ السعودية قدمت في الوقت ذاته مساعدات بمليارات الدولارات للمواطنين، تعرف باسم بدل غلاء المعيشة، لتخفيف أثر ارتفاع التكاليف. وتبلغ قيمة بدل الغلاء الشهرية ألف ريال (266 دولار تقدم للمواطنين شهريا.
ومن غير المرجح أن تساهم تدابير التقشف في سد كامل العجز الهائل في ميزانية المملكة والذي توقّعت مجموعة “جدوى للاستثمار” السعودية أنّ يرتفع إلى مستوى قياسي قد يبلغ 112 مليار دولار هذا العام.
وتزامن الاعلان عن الإجراءات الجديدة مع خفض شركة أرامكو النفطية أسعار الوقود بنحو النصف ابتداء من الاثنين.
– تأثير مباشر –
كما أعلنت السعودية انها تنوي خفض انتاجها اليومي من النفط بمليون برميل اضافي ابتداء من يونيو، وذلك في محاولة لمساعدة السوق على استعادة توازنها ورفع الأسعار.
وتضاف هذه الكمية إلى التخفيض الذي التزمت به المملكة في اتفاقية “أوبك بلاس” الأخيرة. وبهذا سيكون حجم التخفيض نحو 4,8 ملايين برميل مقارنة بشهر ابريل، وبالتالي سيكون إنتاجها لشهر يونيو 7 ملايين و492 ألف برميل.
سجلت الرياض عجزًا في الميزانية كل عام منذ بداية التراجع الكبير الأسعار النفط في 2014. وقد توقع صندوق النقد الدولي في ابريل أن ينكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 2,3 في المئة هذا العام.
وقال الجدعان إنه يتوقع أن تخسر الرياض نصف مدخولها من النفط الذي يساهم بنحو 70 في المئة من الإيرادات العامة، بعدما انخفضت أسعار النفط بنسبة الثلثين منذ بداية العام، مشيرا إلى أنّ الرياض ستقترض ما يقرب من 60 مليار دولار هذا العام لسد العجز في الميزانية.
ولا تزال الخطط الطموحة الأخرى التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان لفصل الاقتصاد عن النفط عرضة لتدابير التقشف، وبينها مدينة “نيوم” المقرر بناؤها بكلفة 500 مليار دولار على طول ساحل البحر الأحمر.
وتعرقل المشروع الشهر الماضي بسبب إعتراض قبيلة الحويطات ورفع بعض أبنائها شعارات مناهضة للترحيل ورفضهم التوقيع على أوراق لنقلهم إلى مكان آخر.
وبحسب الجدعان، فإنّ “الحكومة مستمرة في اتخاذ القرارات الضرورية لحماية المواطنين والمقيمين والاقتصاد بشكل مبكر للحد من تفاقم الأزمة وتبعاتها”.
وقال “اننا أمام أزمة لم يشهد العالم مثيلاً لها في التاريخ الحديث”.
وتسبب الفيروس بإصابة أكثر من 39 ألفا في المملكة توفي منهم 246، وقد بدأت أعداد الإصابات تتزايد بشكل كبير منذ نحو شهر حيث قفزت من 364 إصابة في يوم واحد في 10 ابريل إلى 1912 إصابة يوم الأحد وحده.
وكانت السعودية، التي تبدو أقرب لإلغاء موسم الحج الذي يدر عليها مليارات، قرّرت مع بداية شهر رمضان الحالي إعادة فتح أسواق تجارية وتخفيف القيود على حركة التنقل.