في مثل هذا اليوم التاسع من مايو عام 1950 رحل عن عالمنا علم من أعلام قراءة القرآن الكريم في مصر والعالم العربي الشيخ محمد رفعت عن عمر ناهز الثامنة والستين عاماً بحي المغربلين بالقاهرة، وكف بصره وهو صغير.
والده هو محمود رفعت ضابط البوليس وكان اشيخ محمد رفعت مبصرًا حتى سن صغيرة فأصيب بمرض كف بصره، ووهبه أبوه لخدمة القرآن،وألحقه بكتاب مسجد فاضل باشا بحي درب الجماميز.
تلقى الشيخ رفعت دروساً في تفسير القرآن الكريم والقراءات المختلفة . كما تعلم فن تجويد القرآن ودرس الموسيقى كعلم له أصول وقواعد وحفظ مئات الادوار والتواشيح والقصائد الدينية.
وفي سن الخامسة عشرة عين قارئًا يوم الجمعة وذاع صيته، فكان المسجد يضيق بالمصلين الذين يأتون من كافة الأنحاء للإستمتاع بهذا الصوت الملائكي العذب الذي يشد الأسماع ويجعل القلوب تخشع بذكر الله.
وفي هذه الفترة قرر فاضل باشا أن يقوم بتسجيلات القرآن بصوت الشيخ محمد رفعت حتى يستمع إليها في كل وقت. وكانت هذه هي التسجيلات كنز وذخيرة لكل محب الشيخ محمد رفعت.
كان الشيخ رفعت أول من قرأ القرآن الكريم في الاذاعة المصرية وذلك يوم إفتتاحها 31 مايو عام 1934. وعندما طلبت منه الأإداعة الحكومية قراءة القرآن عبر أثيرها عرضت عليهه أن يكون عمله مقابل نظير ثلاثة جنيهات في الشهر كان مترددًا واستفتى مشايخ الأزهر، قبل قبوله هذا العرض، فأفتوه بمشروعيته .
واستمر في التلاوة مرتين في الاسبوع حتىمرضه الذي منعه من التلاوة.
ورغم هذا فإن الإذاعة المصرية لا تزال تذيع قراءاته القرآنية كل يوم عدة مرات و يظل صوت الشيخ رفعت- مذاقًا رمضانيا ينير قلوبنا كل عام،
وكانت اذاعات لندن وباريس وبرلين تذيع تسجيلاته اثناء الحرب العالمية الثانية لتشد المستمعين في العالم الاسلامي إلى برامجها.
وعلى الرغم من مرور 70 عاماً على رحيله الا ان صوته مازال يجدد الايمان في قلوب المسلمين، فإن تلاوته الملائكية كأنما هي صوت آت من السماء وصاعد إليها في ذات الوقت،ويدخل المستمعين في حالة من الوجد والخشوع، بفضل قدرته الربانية على تجسيد معاني الآيات بطرق التلاوة الإبداعية المختلفة. إن صوت الشيخ محمد رفعت هو بحق “قيثارة السماء” التي قل أن يجود الزمان علينا بمثلها.