في تطور تاريخي للأزمة السورية، أعلنت هيئة تحرير الشام سيطرتها على الحكم في سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد يوم الثامن من ديسمبر الجاري، وهو الحدث الذي جاء تتويجًا لسنوات من الصراع الدامي.
الدور التركي في إسقاط نظام الأسد
منذ بداية الأزمة السورية عام ألفين وأحد عشر، لعبت تركيا دورًا مركزيًا في دعم المعارضة السورية المسلحة، سواء عبر الدعم اللوجستي أو العسكري أو السياسي. واستمر هذا الدعم بوتيرة متصاعدة، خاصة مع تصاعد نفوذ هيئة تحرير الشام التي أصبحت القوة الأبرز على الأرض خلال السنوات الأخيرة.
تركيا عملت على دعم التوازن بين الفصائل المسلحة المعارضة للنظام، وسعت إلى تحقيق هدفين استراتيجيين:
1. إسقاط نظام بشار الأسد الذي تعتبره معاديًا لمصالحها الإقليمية.
2. ضمان استقرار حدودها الجنوبية عبر دعم فصائل تُبقي على مصالح تركيا الأمنية، خاصة في الشمال السوري.
هيئة تحرير الشام واستلام الحكم
نجحت هيئة تحرير الشام، التي كانت تُعرف سابقًا بجبهة النصرة، في قيادة تحالف واسع من الفصائل المسلحة للإطاحة بنظام الأسد. وبدخولها دمشق يوم الثامن من ديسمبر، أعلنت الهيئة تشكيل حكومة انتقالية جديدة لإدارة شؤون البلاد، وسط حالة من الترقب الدولي والإقليمي.
ورغم أن تحرير الشام ظلت مُدرجة كمنظمة إرهابية لدى العديد من الدول، إلا أن صعودها للحكم دفع بعض الأطراف الدولية إلى إعادة تقييم موقفها، خاصة مع تعهد الهيئة بإعادة هيكلة النظام السياسي والبدء بمفاوضات لإعادة إعمار البلاد.
العلاقة التركية مع تحرير الشام
على مدى السنوات الماضية، حافظت تركيا على علاقات غير مباشرة مع تحرير الشام، خاصة في إدلب ومناطق الشمال السوري. وبينما امتنعت أنقرة عن الاعتراف العلني بدعمها للهيئة، تشير تقارير إلى وجود تنسيق لوجستي وأمني بين الطرفين، بهدف منع تصعيد عسكري في مناطق السيطرة التركية.
وبعد إسقاط النظام السوري، تزايد الحديث عن دور تركيا في دعم الهيئة سياسيًا ودبلوماسيًا لإضفاء شرعية دولية على الحكومة الجديدة في دمشق، وهو ما يواجه رفضًا قويًا من بعض الدول الكبرى.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
• تركيا: أبدت الحكومة التركية استعدادها للتعاون مع الحكومة الجديدة في سوريا، مؤكدة ضرورة الحفاظ على الاستقرار ومنع تجدد الصراعات.
• روسيا وإيران: عبرتا عن استنكارهما لسقوط النظام السوري الحليف، ووصفتا سيطرة تحرير الشام بأنها “انقلاب إرهابي”.
• الولايات المتحدة: رغم اعتبار تحرير الشام منظمة إرهابية، أشارت واشنطن إلى أهمية الحوار مع القيادة الجديدة لضمان الانتقال السلمي للسلطة.
التحديات أمام حكومة تحرير الشام
رغم السيطرة الكاملة على دمشق، تواجه الحكومة الجديدة عدة تحديات، أبرزها:
1. إعادة الإعمار: تحتاج سوريا إلى مليارات الدولارات لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
2. التحديات الإنسانية: ملايين السوريين يعيشون في ظروف صعبة، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لتقديم المساعدات.
3. الاعتراف الدولي: ما زال المجتمع الدولي مترددًا في الاعتراف بشرعية هيئة تحرير الشام كحكومة جديدة.
خاتمة
إسقاط نظام الأسد وصعود تحرير الشام إلى الحكم يمثلان نقطة تحول محورية في تاريخ سوريا الحديث. وبينما يُنظر إلى تركيا كأحد الفاعلين الرئيسيين في هذا التحول، يبقى مستقبل سوريا غامضًا، وسط تساؤلات حول قدرة الحكومة الجديدة على تحقيق الاستقرار وتلبية تطلعات الشعب السوري.