تصاعدت حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين في الآونة الأخيرة، ليس فقط على المستوى العسكري والسياسي، بل أيضًا على المستوى الإعلامي. وتعد حرب المعلومات المضللة أحد أبرز تجليات هذا الصراع، حيث تتنافس الدولتان في نشر الدعاية والأخبار المضللة بهدف تحقيق أهدافها الجيوسياسية.
اتهامات متبادلة
في سبتمبر 2023، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرًا يتهم الصين بتمويل الدعاية المضللة في جميع أنحاء العالم. وجاء في التقرير أن بكين تنفق مليارات الدولارات سنويًا على حملة إعلامية تهدف إلى تعزيز أهدافها الجيوسياسية، وقمع الانتقادات لسياساتها.
ردت الصين على هذه الاتهامات بالرفض والاتهام بالعكس، حيث اتهمت الولايات المتحدة بأنها هي التي تنشر المعلومات المضللة بهدف تشويه سمعتها.
أساليب الدعاية
تستخدم الصين مجموعة متنوعة من الأساليب لنشر الدعاية والأخبار المضللة، بما في ذلك:
- السيطرة على وسائل الإعلام: تمتلك الحكومة الصينية سيطرة كبيرة على وسائل الإعلام المحلية، حيث تستخدمها للترويج لوجهة نظرها الرسمية. كما تستثمر في وسائل الإعلام الأجنبية لنشر الدعاية الصينية في الخارج.
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: تستخدم الصين وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار المضللة والترويج لأهدافها. كما تقوم بنشر منشورات مزيفة وتعليقات موجهة لتوجيه الرأي العام.
- استخدام الخبراء والأكاديميين: تقوم الصين بتمويل الخبراء والأكاديميين لنشر الدعاية الصينية في الخارج. كما تستخدمهم للدفاع عن سياساتها ومواقفها في المحافل الدولية.
تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة متنوعة من الأساليب في الدعاية ضد الصين، بما في ذلك:
- الخطاب السياسي: يستخدم المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم الرئيس والوزيران وأعضاء الكونجرس، خطابًا متشددًا ضد الصين في محاولة لتصويرها كتهديد للولايات المتحدة والعالم. على سبيل المثال، وصف الرئيس جو بايدن الصين بأنها “أكبر منافس لنا في القرن الحادي والعشرين”.
- الدعاية الحكومية: تنشر الحكومة الأمريكية تقارير ودراسات وتحليلات تستهدف تشويه سمعة الصين. على سبيل المثال، أصدر مكتب المفتش العام لوكالة الاستخبارات المركزية تقريرًا في عام 2022 خلص إلى أن الصين كانت “تمثل تهديدًا أمنيًا كبيرًا” للولايات المتحدة.
- الدعاية الإعلامية: تروج وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية، لوجهة النظر الأمريكية بشأن الصين. غالبًا ما يتم ذلك من خلال تركيز التغطية الإخبارية على القضايا السلبية المتعلقة بالصين، مثل حقوق الإنسان وممارسات التجارة.
- الدعاية الثقافية: تستخدم الولايات المتحدة الثقافة والرياضة لنشر قيمها وأفكارها في الصين. على سبيل المثال، تنظم الحكومة الأمريكية برامج تبادل ثقافي وترسل الفنانين والرياضيين إلى الصين.
تركز الدعاية الأمريكية ضد الصين على مجموعة من القضايا، بما في ذلك:
- حقوق الإنسان: تتهم الولايات المتحدة الصين بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القمع السياسي والاعتقال التعسفي والتعذيب.
- التجارة: تتهم الولايات المتحدة الصين بممارسة ممارسات تجارية غير عادلة، مثل الدعم الحكومي للشركات والاختراق التجاري.
- السياسة الخارجية: تتهم الولايات المتحدة الصين بالسعي للهيمنة الإقليمية والعالمية.
تهدف الدعاية الأمريكية ضد الصين إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، بما في ذلك:
- عزل الصين دوليًا: تسعى الولايات المتحدة إلى إقناع الدول الأخرى برؤية الصين على أنها تهديد.
- تقليل نفوذ الصين: تسعى الولايات المتحدة إلى الحد من قدرة الصين على التأثير على الأحداث العالمية.
- حماية المصالح الأمريكية: تسعى الولايات المتحدة إلى حماية مصالحها الاقتصادية والأمنية من الصين.
تواجه الدعاية الأمريكية ضد الصين انتقادات من بعض الجهات، بما في ذلك أنّها تستند إلى معلومات مضللة أو غير دقيقة.كما يرى البعض أنّها تساهم في تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
تداعيات حرب المعلومات
تؤدي حرب المعلومات المضللة بين أمريكا والصين إلى عدد من التداعيات السلبية، منها:
- تقويض الثقة في المؤسسات: تؤدي الدعاية والأخبار المضللة إلى تقويض الثقة في المؤسسات والحكومات.
- تعزيز الانقسامات الاجتماعية: تساهم حرب المعلومات في تعزيز الانقسامات الاجتماعية والسياسية.
- تشجيع العنف والكراهية: قد تؤدي الدعاية والأخبار المضللة إلى تشجيع العنف والكراهية، خاصة ضد الأقليات والمعارضين السياسيين.
مواجهة حرب المعلومات
تواجه الدول الغربية صعوبة في مواجهة حرب المعلومات الصينية، وذلك لعدة أسباب منها:
- حجم الحملة الصينية: تتمتع الصين بإمكانيات هائلة لنشر الدعاية والأخبار المضللة، بما في ذلك موارد مالية وبشرية كبيرة.
- الطبيعة العالمية للحملة: تستهدف الحملة الصينية العالم بأسره، مما يصعب على الدول الغربية التصدي لها.
- صعوبة التمييز بين الحقيقة والوهم: تصبح حرب المعلومات أكثر صعوبة بسبب صعوبة التمييز بين الحقيقة والوهم، حيث تستخدم الأطراف المتحاربة أساليب متطورة لتزييف الأخبار والمعلومات.
خاتمة
تمثل حرب المعلومات المضللة بين أمريكا والصين تهديدًا خطيرًا للنظام العالمي. وتتطلب هذه الحرب مواجهة دولية قوية، من أجل حماية الشعوب من الدعاية والأخبار المضللة.